عبد من قوم إبراهيم عليه السلام الكواكب فأراد إبراهيم عليه السلام أن يبين لهم أنّها باطلة، فناظرهم وحاجهم [1] لإقامة الحجة عليهم، وذلك عندما أظلم الليل حيث رأى كوكبا فقال على سبيل الفرض جرياً على معتقد قومه ليصل بهم إلى نقض اعتقادهم هذا ربي فلما غاب قال كما في قوله تعالى: ? ? ? ? ? ? [2] لأن الإله يكون دائم المراقبة لتدبير أمور عباده فإذا غاب لا يستحق العبادة ثم بعد ذلك رأى القمر طالعا منتشرا ضوؤه، قال هذا ربي فلما غاب، قال كما في قوله تعالى: ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? [3] عن الصراط المستقيم، لأن هذا القمر الذي يعتريه الأفول- أيضا- لا يصلح أن يكون إلها، ثم رأى الشمس طالعة فقال هذا ربي هذا أكبر من الكوكب والقمر وضوئها أكثر فلما غابت قال كما في قوله تعالى: ? ? ? ? ? ? ? ? [4] ، وبذلك أقيمت الحجة الواضحة عليهم أن هذه الأجرام السماوية لا تصلح أن تكون آلهة لفقدانها صفات الألوهية والربوبية حيث أنها متغيرة تطلع تارة وتغيب تارة أخرى، فهي محتاجة إلى من يغيرها وهو الله تبارك وتعالى الدائم الباقي الذي لا يتغير ولا يزول ولا يفنى ولا يموت، ثم توجه إبرآهيم عليه السلام إلى ربه بالعبادة والخلوص من
(1) ذكر العلامة محمد الصابوني يرحمه الله في تفسيره صفوة التفاسير ج 1، ص 402"ذهب بعض المفسرين إلى أن قول إبراهيم عليه السلام عن الكوكب (هذا ربي) إنما كان في حال الطفولة قبل استحكام النظر في معرفة الله عزوعلا، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أن هذا القول كان في مقام المناظرة لقومه لإقامة الحجة عليهم في بطلان عبادة الكواكب والشمس والقمر، وأن الموافقة في العبارة على طريق الإلزام على الخصم من أبلغ الحجج وأوضح البراهين، ومما يدل عليه قوله تعالى (وحاجه قومه) وقوله (وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه) فالمقام مقام مناظرة ـ كما قال الحافظ ابن كثير يرحمه الله ـ لا مقام نظر، حاشا الخليل أن يشك في الرب الجليل وهو أب الأنبياء وإمام الحنفاء ..."
(2) سورة الأنعام، الآية: 79
(3) سورة الأنعام، الآية: 77.
(4) سورة الأنعام، الآية: 78.