لا شرف للعرب ولا سؤدد، ولا فضل إلا بالإسلام؛ لأن الأمةَ العربية كانت ضائعة قبل أن يرفعها الإسلام الحنيف؛ فقد رفع الإسلام العربَ قبل أن يكونوا شيئًا مذكورًا، وَوَحَّدَ كلمتَها بعد أن كانت لا تتحدُّ ولا تعرف الوحدة، ومَهَّدَ لها حتى أصبح العربُ في ظل الإسلام ملوك الدنيا وقادتها؛ دانت لهم الممالك في جميع أنحاء المعمورة، واستسلمت لعدلهم الأمم، وسادوا بالحكمة والقسط والإنصاف مشرق الأرض ومغربها وشمالها وجنوبها، بعد أن كانوا قبل الإسلام وفي ظل الجاهلية أعرابًا جفاة حفاة، منقطعين عن العالم في دوامات صراعات قبلية داخل الجزيرة يأكل القوي منهم الضعيف في حياة أقرب شبها بها حياة الوحوش في غاباتها، ثم رفع الإسلام من شأنهم فارتفعوا وفتحوا وسادوا وحكموا، وهذا كتاب الله القائل في العرب: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} . [الأنبياء: 10] ، وقال جل جلاله مخاطبًا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} . [الزخرف: 43، 44] ، وقال جل جلاله: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} . [المؤمنون: 71] ، ثم هبط العرب بعد أن تركوا التمسك بالقرآن،