وعند الأشعريّ المحبَّةُ والرِّضا بمعنى الإرادة، فيَعُمَّان كلَّ موجودٍ كالإرادة (1) ، وأوَّلَ قولَه تعالى: ?ولَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ? [الزمر: 7] بعباده المؤمنين بدليل الإضافة إليه. والحق ما ذكرناه.
(1) قال إمام الحرمين رحمه الله هذا القول في «الإرشاد» ص239: ومن حقّق من أئمتنا لم يَكِع عن تهويل المعتزلة، وقال: المحبة بمعنى الإرادة وكذلك الرضا، والرب تعالى يحبُّ الكفرَ ويرضاه كفراً معاقباً عليه. اهـ. ونقل معناه عنه ابنُ الهمام في «المسايرة» ص138، وقال: ونقله بعضهم عن الأشعري، ثم قال: وهذا خلافُ كلمة أكثر أهل السنة، وهو وإن كان لا يَلزمُهم به ضررٌ في الاعتقاد، إذ كان مناطُ العقاب مخالفةَ النهي وإن كان متعلقه محبوباً كما يتضح لك، لكنه خلاف النصوص التي سُمعت مثل قوله تعالى: ?ولا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ ? [الزمر: 7] . اهـ.
ونقل ابنُ فورك في «مجرد مقالات الأشعري» ص69 عن الأشعري قوله: للإرادة =
= أسماء وأوصاف، منها القصد والاختيار، ومنها الرضا والمحبة، ومنها الغضب والسخط، ومنها الرحمة، وكل ذلك مما يجري على الله عز وجل ويُوصَف به. اهـ.
وعلى هذا فإن الأشعري يعتبر أن الرضا والمحبة من أسماء الإرادة، وليس فيهما معنى زائدٌ على الإرادة، فالمحبة ليست شيئاً غير الإرادة، فمعنى قول إمام الحرمين: «إن الله يحبُّ الكفر» أي يريد وقوعه من الكافر فيخلقه له.
ولا يُعارض هذا قول الأشعري في «رسالة أهل الثغر» ص231: إن رضاه تعالى عن عباده الطائعين هو إرادته لنعيمهم، لأنه إذا أطلق المحبة والرضا على الفعل عنى بهما إرادة الوقوع، وإذا أطلقهما على الفاعل عنى بهما إرادة الثواب. فهو يقول بأن الله سبحانه يحبُّ الكفر ــ بمعنى يريد وقوعه ــ، ولا يحبُّ الكافر ــ بمعنى أنه لا يريد إثابته على كفره.