[وجوب اعتقاد مشروعية
المسح على الخفين والقصر والإفطار في السفر]
قال: (والتاسع: نُقِرُّ بأن المسحَ على الخُفَّينِ واجبٌ للمُقيم يوماً وليلةً، وللمسافر ثلاثةَ أيامٍ ولياليها، لأن الحديث ورد هكذا، فمَن أنكره يُخشى عليه الكفرُ، لأنه قريبٌ من الخبر المُتواتر، والقَصْرُ والإفطارُ في السَّفَرِ رُخصةٌ بنصِّ الكتاب، لقوله تعالى: ?وَإذا ضَرَبْتُمْ في الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقُصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ? [النساء: 101] ، وفي الإفطار قوله تعالى: ?فَمَن كَانَ مِنْكُمْ مَريضَاً أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ? [البقرة: 184] ) .
أقول: المسحُ على الخُفَّين مقدار ثلاثِ أصابِعَ واجبٌ للمقيم يوماً وليلةً، وللمسافر ثلاثةَ أيامٍ ولياليها، لِمَا روى عليٌّ وجماعةٌ من الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن النبيِّ أنه قال: «يَمسَحُ المُقيمُ يوماً وليلةً، والمسافرُ ثلاثةَ أيامٍ ولياليهنَّ» (1) ، والأثرُ اشتهر عنه عليه السلام، منه قول المغيرة، وحديث سلمان: أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى يومَ الفَتحِ خمسَ صلواتٍ بوضوءٍ واحدٍ ومسحَ على خُفَّيهِ (2) . وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: «ما زالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمسَحُ على الخُفَّين بعدَ نزولِ المائدةِ» (3)
(1) أخرجه مسلم (276) ، والنسائي 1: 84، وابن ماجه (552) من حديث علي كرم الله وجهه، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ... ، فذكره.
وأخرجه كذلك أبو داود (157) ، والترمذي (95) من حديث خزيمة بن ثابت.
وأخرجه أحمد 5: 214 من حديث خزيمة رضي الله عنه مرفوعاً من قوله صلى الله عليه وسلم.
(2) لم نجده من حديث سلمان رضي الله عنه بهذا اللفظ، لكن أخرجه مسلم (277) ، وأبو داود (172) ، والترمذي (61) من حديث بريدة رضي الله عنه.
وأخرج ابن ماجه (563) عن سلمان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفّين والخمار. وإسناده ضعيف.
(3) قول عائشة أخرجه الدارقطني (746) ، وإسناده ضعيف.
وأخرج البخاري (3787) ، ومسلم (272) ، وأبو داود (154) ، والترمذي (93) و (94) ، والنسائي 1: 81، وابن ماجه (543) عن جرير بن عبد الله البجلي: أنه بال ثم توضَّأ ومسحَ على خُفَّيه، ثم قام فصلى، فسُئِلَ، فقال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صنعَ مِثلَ هذا. قال إبراهيم النخعي: كان أصحابُ عبد الله بن مسعود يُعجِبُهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول سورة المائدة.