الصفحة 101 من 141

وقالت المعتزلةُ وجمهورُ الكرَّاميَّة: هي سابِقةٌ على الفِعلِ، إذ لو لم تكن سابقةً على الفعل ولم تكن موجودةً حالَ عدمِ الفِعلِ لكان الأمرُ بالفِعلِ ولا استطاعةَ (1) له وقتَ الأمرِ تكليفَ العاجز، وهو محالٌ لقوله تعالى: ? لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلَّا وُسْعَهَا? [البقرة: 286] .

قلنا: قد يُرادُ بالاستطاعة سلامةُ الأسباب والآلات، وهي المعنيَّةُ بقوله تعالى: ?مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران: 97] ، إذ المرادُ بها الزادُ والراحلةُ لا حقيقةُ قدرة الفِعلِ، والتكليفُ يعتمدُ ذلك، إذ العادةُ جَرَتْ بأن المكلَّفَ لو قصدَ تحصيلَ الفِعلِ عند سلامة الأسباب والآلات لحصلت له القدرةُ الحقيقيَّةُ، وإنما لا تحصل لاشتغالِه بضدِّ المأمور به مُضيِّعاً للقدرة الحقيقيَّة، والمُضيِّعُ للقدرة غيرُ معذور، فأما عند عدم سلامة الأسباب والآلات فلم يُكلّف الفعل، إذ لا تحصلُ القدرة عند قَصْدِه مُباشَرَةِ الفِعلِ، فكان ممنوعَ القدرةِ أصلاً، فكان معذوراً، وإذا كان التكليفُ معتمداً على سلامة الأسباب، وبكونُ الأسبابِ سالمةً لم يلزم تكليف العاجز.

(1) تحرَّفت في (ص) و (ج) إلى: «بالفعل والاستطاعة ... » ، والمثبت من (ف) و (ب) ، وهو الصواب، فإنه يريد أن الأمرَ بالفِعلِ حالَ عدم الاستطاعة وقتَ الأمر تكليفٌ للعاجز.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام