الصفحة 14 من 141

قال العلامة السيِّد محمد مرتضى الزَّبيدي في «إتحاف السادة المتقين» (1) بعد أن ذكر أن الإمام الماتريدي رحمه الله تعالى بنى كتبه في العقائد على نصوص الإمام أبي حنيفة، وهي في خمسة كتب نُسِبَت إليه، وهي: «الفقه الأكبر» و «الفقه الأبسط» و «العالم والمتعلم» و «رسالة أبي حنيفة إلى البتي» و «الوصية» ، قال رحمه الله: اختُلِفَ في ذلك كثيراً، فمنهم مَن يُنكِرُ عَزوَها إلى الإمام مطلقاً وأنها ليست مِن عَمَلِه. ومنهم مَن يَنسِبُها إلى محمد بن يوسف البخاري المكنى بأبي حنيفة، وهذا قولُ المعتزلة لِمَا فيها من إبطال نصوصهم الزائغة، وادِّعائهم كونَ الإمام منهم، كما في «المناقب الكردرية» (2) ، وهذا كذبٌ منهم على الإمام، فإنه رضي الله عنهم وصاحباه أوَّلُ مَن تكلَّم في أصول الدِّين وأتقنَها بقواطع البراهين على رأس المئة الأولى، ففي «التبصرة البغدادية» (3) : أول متكلِّمي أهل السنَّة من الفقهاء أبو حنيفة، ألَّف فيه «الفقه الأكبر» و «الرسالة» في نصرة أهل السنة، وقد ناظَرَ فرقةَ الخوارج والشيعة والقدرية والدهرية، وكانت دُعَاتُهم بالبصرة، فسافر إليها نيِّفاً وعشرين مرة، وفضَّهم بالأدلة الباهرة، وبلغ في الكلام إلى أنه كان المُشارَ إليه بين الأنام، واقتفى به تلامذته الأعلام. اهـ.

وفي «مناقب الكردري» عن خالد بن زيد العمري: أنه كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وحماد بن أبي حنيفة قد خصموا بالكلام الناسَ، أي: ألزموا المخالفين، وهم أئمة العلم (4) .

وعن الإمام أبي عبد الله الصيمري: أن الإمام أبا حنيفة كان مُتكلِّمَ هذه الأمة في زمانه وفقيههم في الحلال والحرام.

(1) 2: 13 ــ 14.

(2) «مناقب أبي حنيفة» للكردري ص122، وانظر أيضاً ص160.

(3) يعني كتاب «أصول الدين» للأستاذ عبد القاهر البغدادي رحمه الله، وكلامه في ص162 منه بنحو ما هنا، وانظر أيضاً ص164 منه.

(4) انظر «مناقب أبي حنيفة» للموفق المكي ص100.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام