وذكر في «المبسوط» (1) ثبوتَ المسح بآثارٍ مشهورةٍ قريبةٍ من التواتر، وعن الحسن البصريِّ رحمه الله: أدركتُ سبعينَ نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّهم يَرَونَ المسحَ على الخُفَّين (2) .
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: ما قلتُ بالمسح عليهما حتى جاء في الآثار مثلَ ضوءِ النهار. وعنه: حتى رأيتُ شعاعاً كشعاع الشمس. وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: يجوز نسخُ الكتاب بخَبَرِ المسحِ لشُهرتِه. وقال الكرخيُّ رحمه الله: مَن أنكر المسحَ عليهما نخشى عليه الكُفرَ، لأن الآثارَ جاءت في حيِّز التواتر (3) . وذكر في «المجتبى» (4) أنَّ على قياس قول أبي يوسف رحمه الله مُنكِرَه كافرٌ، لأن حديث المسح بمنزلة المتواتر عنده، ومنكِرُ المتواتر كافرٌ.
(1) انظر «المبسوط» للإمام السرخسي رحمه الله تعالى 1: 97 ــ 99.
(2) نسبه ابن الهُمام في «فتح القدير» 1: 143 لابن المنذر، وذكره ابنُ عبد البر في «التمهيد» 11: 137، وفي «الاستذكار» 1: 288 دون إسناد.
(3) ذكر قولَ أبي حنيفة ــ باللفظ الأول ــ وقولَ أبي يوسف وقولَ الكرخيِّ الإمامُ السرخسيُّ في «المبسوط» 1: 98، وابنُ نُجَيم في «البحر الرائق» 1: 173، وابنُ الهُمام في «فتح القدير» 1: 143. وذكر الكاساني في «بدائع الصنائع» 1: 7 قول أبي حنيفة فقط، وذكره الكردري في «المناقب» ص155 عن عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة. ورواه ابن عبد البر في «الانتقاء» ص165 من طريق أبي مطيع، عن أبي حنيفة.
(4) لعله يريد كتاب العلامة الفقيه الأصولي أبي الرجاء مختار بن محمود الزاهدي المتوفى سنة 658 المسمى «المجتبى» ، وقد ذكره العلامة اللكنوي في «الفوائد البهية» ص213، وصاحب «كشف الظنون» 2: 1592 باسم «المجتبى في الأصول» . ثم ذكر اللكنوي أنه طالع من كتبه «المجتبى شرح القدوري» في الفقه، وكذا سمَّاه الزركلي في «الأعلام» 7: 193، فليُحرَّر.