الصفحة 104 من 141

قيل: ومن الدليل على أن منكِرَ المسح ضالّ مُبتدِعٌ ما روى أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن قتادة أنه لمَّا قَدِمَ الكوفةَ اجتمع به، فقال قتادة: أنت مِنَ الذين اتخذوا دينَهم شِيَعاً. فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: أنا أُفضِّلُ الشيخين، وأحبُّ الخَتَنَين، وأرى المَسحَ على الخُفَّين. فقال له قتادة: أصبتَ فالزَم، ثلاث مرَّات (1) .

وقالت الخوارج والإماميَّة: لا يجوز المسحُ عليهما، وهو قول أبي بكر بن داود (2) ، وخالَفَ أباه في ذلك.

(1) ذكر الكاساني في «بدائع الصنائع» 1: 7 أن أبا حنيفة قال في شرائط السنة والجماعة: أن تُفَضِّلَ الشيخين، وتُحبَّ الخَتَنَين، وأن ترى المسحَ على الخُفَّين، وأن لا تُحرِّمَ نبيذَ التمر، يعني المثلَّث. وذكر نحوه السمرقندي في «تحفة الفقهاء» 3: 328، والكاساني أيضاً في «البدائع» 5: 117، وابن نُجيم في «البحر الرائق» 1: 173، والكردري في «مناقب أبي حنيفة» ص149.

(2) هو أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف الأصبهاني المعروف بالظاهري، كان فقيهاً أديباً شاعراً ظريفاً، له كتاب سماه «الزهرة» وهو مجموع أدب أتى فيه بكل غريبة ونادرة وشعر رائق، وله في الفقه «الوصول إلى معرفة الأصول» و «الإنذار» و «الإعذار» و «الانتصار» ، توفي سنة 297، وعمره 42 سنة، وأبوه داود الظاهري معروف. انظر ترجمته في «وفيات الأعيان» 4: 259 ـ 261.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام