الصفحة 105 من 141

فإن قيل: ما وجه قوله: «واجب» ، وقد ذكر في «الهداية» وعامَّة الكتب أنه جائز، حتى اختلفوا في الأفضليَّة، فمنهم مَن ذهب إلى أن المسحَ أفضلُ، وذهب عامَّتُهم إلى أن الغسلَ أفضلُ، ومن الصحابة مَن أنكره كابن عباسٍ وعائشة وأبي هريرة، حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما: «والله ما مسحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ نزولِ المائدةِ» (1)

(1) أخرج ابن أبي شيبة 1: 180 من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: سبق الكتابُ الخُفَّين. وأخرج أيضاً من طريق سعيد بن جبير، عنه، قال: ما أبالي مسحتُ على الخُفَّين أو مسحتُ على ظهر بُختي هذا.

وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً والبيهقي 1: 273 من طريقين عن فطر قال: قلت لعطاء: إنَّ عكرمة يقول: قال ابن عباس: سبق الكتابُ المسحَ على الخُفَّين. فقال عطاء: كذب عكرمةُ، أنا رأيتُ ابنَ عباس يمسحُ عليهما.

وأخرج البيهقي 1: 273 من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني خصيف، أن مِقسَم مولى عبد الله بن الحارث أخبره، أنَّ ابنَ عباس أخبره، قال: كنتُ أنا عند عمر حين سأله سعدٌ وابنُ عمر عن المسح على الخُفَّين، فقضى لسعد. قال: فقلت لسعد: قد علمنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسحَ على خُفَّيه، ولكن أقَبْلَ المائدة أم بعدَها؟ لا يُخبِرُك أحدٌ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسحَ بعدَ المائدة. فسكت عمر. وهذه الرواية أقرب الروايات إلى لفظ المصنف.

وأخرج عبد الرزاق (768) ، وابن أبي شيبة 1: 180مختصراً، والبيهقي 1: 273 من طريقين عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه قال في خبر سعد: لو قلتُم بهذا في السفر البعيد والبرد الشديد! قال البيهقي: فهذا تجويزٌ منه للمسح في السفر البعيد والبرد الشديد بعد أن كان يُنكِرُه على الإطلاق، وقد روي عنه أنه أفتى به للمقيم والمسافر جميعاً. ثم أخرج من طريق شعبة، عن قتادة، سمعت موسى بن سلمة قال: سألتُ ابنَ عباس عن المسح على الخُفَّين، فقال: للمسافر ثلاثة أيام وليالهنّ، وللمقيم يوم وليلة. وهذا إسناد صحيح.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام