وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: «لَأَنْ تُقطَعَ قَدَمايَ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أمسَحَ على الخُفَّين» (1) .
أجيب: بأن المرادَ واجبٌ اعتقادُ جوازِه، بدليل المقام، فإن أصولَ الكلام لا يُبحَثُ فيه عن الفروع بالجواز وعَدَمِه، وإنما يُبحَثُ فيه عن الاعتقادات، وما روي من إنكار الصحابة فقد صحَّ رجوعُهم إلى قول عامَّةِ الصحابة.
(1) أخرج ابن أبي شيبة في «مصنفه» 1: 179 بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: لأن أحزَّهما بالسَّكاكين أحبُّ إليَّ مِن أن أمسح عليهما.
وأخرج أيضاً 1: 180 بإسناد صحيح عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لأن أحزَّ أواخِرَ أصابعي بالسِّكين أحبُّ إليَّ من أن أمسح عليهما.
قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» 1: 158: وروى الدارقطني من حديث عائشة إثباتَ المسح على الخُفَّين، ويؤيِّد ذلك حديثُ شريح بن هانئ في سؤاله إياها عن ذلك، فقالت له: سل ابنَ أبي طالب. وفي رواية أنها قالت: لا عِلمَ لي بذلك.
قلنا: رواية الدارقطني تقدَّمت قريباً، وإسنادها ضعيف. أما إحالتها السائل على عليّ فهو في «صحيح مسلم» (276) ، فلعلها كانت تُنكِرُ المسح، فروجِعَت بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأحالت بعد ذلك مَن يسألها على عليّ لعِلمِه بذلك دونها. والله أعلم.
أما أبو هريرة فقد أخرج ابن أبي شيبة 1: 180 عنه قال: ما أُبالي على ظَهرِ خُفَّيَّ مسحتُ أو على ظهر حمار. وإسناده قوي، وقال الإمام أحمد ــ كما في «التلخيص الحبير» 1: 158 ــ: لا يصحُّ حديثُ أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطل!