الصفحة 71 من 141

فالجواب عن الأول: أن الرِّضا بالكفر من حيثُ هو قضاءُ الله طاعةٌ، والرِّضا بالكفر من هذه الحيثيَّة ليس بكفرٍ.

وعن الثاني: أن الطاعةَ موافَقَةُ الأمر، والأمرُ غيرُ الإرادة، فالطاعةُ تحصيلُ المأمور به لا تحصيلُ المراد.

قيل في بيان كيفيَّة وقوع الشرِّ في قضائه تعالى أن الأمورَ الممكنةَ في الوجود، منها أمورٌ يجوز أن يتعرَّى وجودُها عن الشرِّ أصلاً كالملائكة، ومنها أمورٌ لا يُمكِنُ أن تكون فاضلةً فضيلتَها اللائقةَ بها إلا وتكون بحيث يَعرِضُ منها شرٌّ عند ملاقاتها لِمَا يُخالِفُها، وذلك مثل النار، فإنها لا تفضلُ فضيلتها ولا تكمُلُ معاونتُها في تكميل الوجود، إلا أن تكونَ تؤذي وتُؤلِم ما يتَّفِقُ لها مُصادَمَتُه من أجسامٍ حيوانيَّةٍ، وتكون بحيث يَعرِضُ منها تفريقُ أجزاءِ بعضِ المركَّبات بالإحراق.

والأشياء باعتبار الشرِّ وعَدَمِه تنقسم إلى: ما لا شرَّ فيه، وإلى ما يغلبُ الخيرُ فيه على شرِّه ــ وهما قد ذكرناهما ــ، وإلى ما يكون شرَّاً على الإطلاق، وإلى ما يكون الشرُّ فيه غالباً، وإلى ما يتساوى فيه الخيرُ والشرُّ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام