قال: (العَمَلُ غيرُ الإيمانِ، والإيمانُ غيرُ العملِ، بدليلِ أنَّ كثيراً من الأوقاتِ يَرتَفِعُ العملُ عن المُؤمِنِ، ولا يجوزُ أن يُقال: ارتَفَعَ عنه الإيمانُ، فإنَّ الحائِضَ رَفَعَ(1) اللهُ سبحانه وتعالى عنها الصَّلاةَ، ولا يجوزُ أن يُقال: رفَعَ عنها الإيمانَ وأمَرَها بتَرْكِ الإيمانِ، وقد قالَ لها الشَّارعُ: دَعِي الصَّومَ ثمَّ اقضِيهِ، ولا يجوزُ أن يُقال: دَعِي الإيمانَ ثمَّ اقضِيهِ، ويجوزُ أن يُقال: ليس على الفقير الزكاة، ولا يجوزُ أن يُقال: ليس على الفقير الإيمانُ. وتقديرُ الخيرِ والشرِّ كلِّه من اللهِ تعالى؛ لأنه لو زعمَ أحدٌ أنَّ تقديرَ الخيرِ والشَّرِّ مِن غيرِه لصارَ كافراً بالله تعالى وبَطَلَ توحيدُهُ)
أقول: اختلف العلماءُ في أن الأعمال هل هي من الإيمان أم لا؟ فنفى ذلك الإمامُ رحمه الله، وذهب إليه أهلُ الحديث، ويُحكى ذلك عن مالكٍ والشافعيِّ والأوزاعيِّ وأهلِ الظاهر وأحمدَ بنِ حنبلٍ رحمهم الله، فإنهم قالوا: الإيمانُ هو التصديقُ بالجَنانِ والإقرارُ باللسانِ والعملُ بالأركانِ. ونُقِلَ أن المعتزلة جعلوا الإيمانَ اسماً للتصديقِ بالله وبرسوله وللكَفِّ عن المعاصي.
(1) في نسخ (ص) و (ف) و (ج) و (ز) : «يرفع» ، والمثبت من «الطبقات السنية» و (ب) ، وهو الأحسن والأجود.