وإن كانت المعصيةُ صغيرةً واجتنبَ الكبائرَ لا يجوز التعذيبُ عليها، لقوله تعالى: ?إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمَاً? [النساء: 31] .
والصحيحُ ما ذهبَ إليه أصحابُنا أهلُ السُّنَّة، لقوله تعالى: ?يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ في القَتْلَى? [البقرة: 178] ، فسمَّى قاتلَ النفسِ عَمداً مؤمناً مع أنه كبيرة، وأبقى الأُخُوَّةَ الثابتةَ بالإيمان بقوله: ?فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ? [البقرة: 178] ، وما أخرج من استئهال التخفيف والرحمة بقوله: ?ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ? [البقرة: 178] ، والاستدلالُ بهذه الوجوه مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
ولأن الله تعالى قال: ?يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى الله تَوْبَةً نَصُوحَاً عَسَى رَبُّكُمْ أنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ? [التحريم: 8] ، وقال: ?وَتُوْبُوا إلى الله جَمِيعَاً? [النور: 31] ، والأمرُ بالتوبةِ لِمَن لا ذنبَ له محالٌ، والصغائرُ مع اجتناب الكبائر مغفورةٌ عندهم، فدلّ أنها في أصحاب الكبائر.