قول المصنف رحمه الله (ومن ذلك) أي: من أمور الغيب التي ثبتت بها السنة الصحيحة ويجب الإيمان بها.
وقوله (أشراط الساعة) أي: علاماتها، كما قال تعالى: {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها} [1] ، وقسمها العلماء إلى علامات صغرى وعلامات كبرى ذكر المصنف خمساً منها.
وقوله (مثل خروج الدجال) أي: من أشراط الساعة خروج الدجال، وهو رجل معيَّن يبتلي الله به عباده، ودليله السنة والإجماع، ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من فتنته،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو:"اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال" [2] ،
ولقد أنذرنا النبي صلى الله عليه وسلم الدجال فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:"قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال:"إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبيٌ لقومه: إنه أعور، وإن الله ليس بأعور" [3] ، وسر ذكر هذه العلامة أن الدجال يدعي الربوبية ويدعو الناس إلى عبادته، فإذا تبين أنه أعور تبين أن ادعاءه الربوبية كذب لأن الرب لا يشينه مثل هذا النقص حاشاه،"
قال الإمام النووي رحمه الله:"قال القاضي: هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده، وأنه شخصٌ بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذى يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم، ويثبِّت الله الذين آمنوا، هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره".
(1) محمد - 18
(2) صحيح البخاري - حديث 1311، وصحيح مسلم - حديث 588
(3) صحيح البخاري - حديث 6708