فهرس الكتاب
الصفحة 63 من 123

وقوله (أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم) : هذا جزءٌ من حديث جبريل الطويل عند مسلم حيث جاء في صورة رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحضرة الصحابة، فسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، وكان سؤاله بغرض تعليم الصحابة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السائل جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم أمر دينكم.

وقوله (ما الإيمان؟) أي: أخبرني عن الإيمان أي شيء هو؟ وما حقيقته؟

وقوله (قال) أي: أجاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) أي: هذه هي أركان الإيمان الستة، والشاهد من الحديث ذكر الإيمان بالقدر خيره وشره، ونسبة الشر إلى القدر هي بالنسبة إلى المخلوقين، ولا يُنسب الشر المحض إلى الله تعالى، وبيان ذلك أن الشر المحض عدم، والعدم لا يُنسب لفاعل، وأما الشر الواقع بخلق الله فهو شرٌ نسبي خلقه الله وفي مقابله من الخير والمصلحة ما لا رجحان للشر معه، فلا يُنسب هذا الشر إلى الله تعالى أدباً مع الله سبحانه وتعالى، فتنبه.

وقوله (فقال جبريل: صدقت) أي: أن جبريل عليه السلام قد وافق النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أركان الإيمان لأن غرضه من السؤال تعليم من كان حاضراً من الصحابة رضوان الله عليهم.

وقول المصنف رحمه الله (ولا نجعل قضاء الله وقدره حجةً لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه) : قد تقدم معناه، ومن طريف ما يذكر أن رجلاً سرق فقال لعمر بن الخطاب: سرقت بقضاء الله وقدره. فقال له: وأنا أقطع يدك بقضاء الله وقدره!

فالقدر يُحتج به على المصائب والابتلاءات ولا يُحتج به على المعاصي، إذا المكلف مخاطب بالأمر والنهي وليس مخاطباً بالقدر، فتأمل.

وقوله (بل يجب أن نؤمن ونعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل) أي: أن الله تعالى قد أعذر إلى عباده تفضلاً وتكرماً منه بإرسال الرسل ولم يؤاخذ العباد بميثاق الفطرة بل أرسل إليهم الرسل وأنزل إليهم الكتب تذكرهم عهد الله وميثاقه، قال تعالى: {وما كنا معذِّبين حتى نبعث رسولاً} [1] .

(1) الإسراء - 15

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام