فهرس الكتاب
الصفحة 35 من 123

وقوله (قال: لم يعلموها) : هو جواب المبتدع حيث زين له عقله الفاسد أن أمراً من الدين لم يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون،

وقوله (قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت؟) : هذا ردٌ مفحم من الأدرمي رحمه الله على هذا المبتدع الذي زعم أنه اهتدى إلى ما لم يعلمه رسول الأمة ونبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه وخيرة صحابته من بعده المأمور باتباعهم أعني الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين،

وقوله (قال الرجل: فإني أقول: قد علموها) أي: أن المبتدع تراجع عن قوله،

وقول الأدرمي: (أفوسعهم أن لا يتكلموا به، ولا يدعوا الناس إليه، أم لم يسعهم؟) : السعة خلاف التضييق، وهذا السؤال على سبيل التنزل مع الخصم؛ أي: على فرض أن زعم المبتدع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون قد علموا هذه البدعة، فهل بلَّغوها ودعوا الناس إليها وحملوهم عليها أم أنه قد وسعهم ترك ذلك؟

فأجاب المبتدع: (قال: بلى وسعهم) أي: أنه أقر أن هذا الأمر المحدث لم يكن من أمر الدين الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده،

فقال الأدرمي رحمه الله: (قال: فشيءٌ وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لا يسعك أنت؟) أي: كيف تضيق على الناس في أمر قد وسعه الله عليهم، وكيف تحمل الناس على شيء لم يحملهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور بطاعته والخلفاء الراشدون المأمور باتباع سنتهم؟ هذا على افتراض صحة دعوى المبتدع أنهم قد علموا هذا الأمر من الدين ولم يدعوا الناس إليه، وهو زعمٌ باطل كما تقدم، فكيف والحال أن هذا الأمر المحدث لا هو من الدين ولا هو مما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، أفلا يسع هذا المبتدع أن يسكت عما سكتوا عنه، ولا يخوض في مسائل الدين والعقيدة بغير علم!

وقوله (فانقطع الرجل) أي: انقطعت حجته ودحضت ولم يعد لديه دليل على صحة دعواه الباطلة،

وقوله (فقال الخليفة - وكان حاضراً: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم) : هو الخليفة العباسي الواثق وكانت المناظرة في حضرته، وقوله دعاء على من ضيق على الناس فيما وسعه الله تعالى

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام