وقوله (وأمراء المؤمنين) أي: جمع أمير، وهم الذين يوليهم الإمام الأكبر أو الخليفة، فهم وكلاؤه في إقامة شؤون الحكم، وطاعتهم طاعة للخليفة، وهذه الولايات مسؤولية الخليفة أمام الله عز وجل فعليه أن يتقي الله فيمن يوليه على الرعية،
وقد خطب عمر بن الخطاب فقال:"ألا إني والله ما أبعث إليكم عمالاً ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أبعثهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فُعل به سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي بيده لأقصنَّه منه. فوثب عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين! أرأيت إن كان رجلٌ من المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته، إنك لمقصُّه منه؟ قال: أي والذي نفس عمر بيده لأقصنَّه منه، أنا لا أقصه منه؟ وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصُّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم من حقوقهم فتكفِّروهم، ولا تجمِّروهم [1] فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض [2] فتضيعوهم".
وقوله (برّهم وفاجرهم) أي: البر العدل، والفاجر الفاسق، أي سواء أكان الإمام أو الأمير براً أو فاجراً فإنه يُطاع في أمور السياسة الشرعية فيما لا معصية فيه، ففسقه على نفسه، وسياسته للمسلمين، ومدار الأمر على احتمال أدنى المفسدتين وهو فسق الأمير في نفسه درءاً لأكبرهما وهي فساد المصالح العامة للمسلمين التي لا تقوم إلا بالإمامة والإمارة،
وقوله (ما لم يأمروا بمعصية الله) أي: إذا أمروا بما فيه معصية الله فلا تجوز طاعتهم فضلاً عن أن تجب، وقوله معصية الله يتضمن معصية رسوله صلى الله عليه وسلم لأن من عصى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله تعالى.
وقوله (فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله) أي: إن الطاعة في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حرام لا تجوز، كائناً من كان الآمر بالمعصية.
وقوله (ومن ولي الخلافة) أي: تمت له البيعة بتعيين الإمام السابق.
وقوله (واجتمع عليه الناس ورضوا به) أي: تمت له البيعة باختيار أهل الحل والعقد - وهي البيعة الخاصة - ثم أُخذت له البيعة العامة.
وقوله (أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة) أي: قهرهم بالقوة وتمكن من الحكم.
وقوله (وسمي أمير المؤمنين) أي: بأي صورة من الصور الثلاث التي تحصل بها الخلافة وهي: التعيين ويسميه البعض الاستخلاف، أو اختيار أهل الحل والعقد أو الغلبة بالقوة.
(1) تجمروهم: اي تحبسوهم في الثغور لفترات طويلة بعيداً عن أهلهم
(2) الغياض: جمع غيضة وهي الأكمة أو الغابة، أي لا تنزلوا بهم منازل تعرضهم للهلاك