قال الله عز وجل (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) إلى قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) إلى قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) إلى قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) [1]
وقد اختلف فيمن نزلت فيه هذه الآيات على عدة أقوال مختصرها:
1 -أنها نزلت في أهل الكتاب وهي فيهم خاصة، وقد ضعف كثير من العلماء هذا القول.
2 -وقيل إنها فيمن حكم بما عنده مدعيا أنه من عند الله تعالى، وهذه هي إحدى صور التبديل، وهذا كفر لا يُختلف فيه.
3 -وقيل إنها فيمن رد أو جحد حكم الله تعالى، فأما من حكم بغير حكم الله تعالى عن هوى ومعصية فهذا ذنب غير مكفر، وهذا قول ضعيف سيأتي مناقشتة بتفصيل إن شاء الله.
4 -وقيل وهو أحسن الأقوال وأصوبها إن شاء الله: إنها نزلت في أهل الكتاب وهي على المسلمين واجبة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مذهب جمهور العلماء.
(1) الآيات بسورة المائدة من الآية: 41 - 50.