يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته، والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده، وهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره، وذلك إنما يكون بأن يُطاع في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت. اه [1]
إن دين الإسلام هو جملة العقائد والأحكام والشرائع والآداب التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه سبحانه وتعالى، وهذا هو المقصود بقوله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) [2] ، وهو المقصود بقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [3] .
وإن الرضا بالإسلام دينا هو الرضا بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من العقائد الغيبية أو الشعائر التعبدية أو الأحكام التشريعية أو الآداب الاجتماعية أو الأحكام السياسية، لا فرق بين هذا وذاك فكل من عند الله، فإن الذي قال (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) [4] هو الذي قال (وأحل الله البيع وحرم الربا) [5] ، وهو الذي قال (ولا يغتب بعضكم بعضا) [6] ، وإن الذي قال (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) [7] ، والذي قال (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله) [8] ، هو الذي قال أيضا (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [9] ، وهو الذي قال (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما
(1) مجموع الفتاوى ج3/ 91.
(2) سورة آل عمران، الآية: 19.
(3) سورة المائدة، الآية: 3.
(4) سورة البقرة، الآية: 43.
(5) سورة البقرة، الآية: 275.
(6) سورة الحجرات، الآية:
(7) سورة النور الآية: 2.
(8) سورة المائدة، الآية: 38.
(9) سورة المائدة، الآية: 51.