فهرس الكتاب
الصفحة 121 من 127

قال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ) [1]

فقد حكم الله تعالى على من شرع للناس أحكاما لم يأذن بها الله تعالى - وما أكثرهم - أنهم كفار قد نصّبوا أنفسهم ألهة مع الله تعالى، وقد عبر القرآن بلفظ الشركاء الذي يعني أنهم زاحموا الله تعالى في أخص صفات ألوهيته وهي صفة الحكم والتشريع وفصل الخصومات بين الخلق، وأن من سوغ لهم ذلك قد اتخذهم شركاء مع الله كذلك، وفي هذا بيان لا تأويل له على كفر من نصّب نفسه مشرعا للأحكام من دون الله تعالى أو دعا الناس إلى أن يقبلوا تشريعه المخالف للوحي السماوي.

قال ابن تيمية رحمه الله: قال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله: فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا لله، شرع له من الدين ما لم يأذن به الله. اه [2]

وقال ابن تيمية رحمه الله أيضا: ومن بدل شرع الأنبياء وابتدع شرعا، فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما قال تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) ، ولهذا كفر اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ. اه [3]

وقال أيضا رحمه الله: الشرع المنزل من عند الله تعالى وهو الكتاب والسنة الذي بعث الله به رسوله، فإن هذا الشرع ليس لأحد من الخلق الخروج عنه، ولا يخرج عنه إلا كافر. اه [4]

قلت: والخروج عن الشرع هو بعدم الالتزام بأحكامه وهو كفر، فكيف بمن شرع ما يضاد أحكامه والتزم الحكم بها بين الناس، بل وألزم الناس بها وعاقب من خرج عليها؟ لا شك أنه كافر كافر.

(1) سورة الشورى، الآية: 21.

(2) اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية / 267، ط: المدني.

(3) مجموع الفتاوى، ج 35/ 365.

(4) مجموع الفتاوى، ج 11/ 262، راجع الفتاوى الكبرى ج5/ 339 الرسالة التسعينية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام