من المعلوم من الدين بالضرورة أن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان بالله تعالى هو المدخل الصحيح إلى دين الإسلام، فإن شهادة أن لا إله إلا الله لا تقبل ممن لم ينطق بالشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهو قادر على ذلك.
ولذلك فإن العلماء يقولون إن الإقرار بالشهادتين شرط في صحة الحكم بالإسلام، وإن من لم ينطق بالشهادتين، أو نطق بإحداهما دون الأخرى لا يصير مسلما، إلا إذا كان غير متمكن من الإتيان بهما جميعا لخرس أو عجمة، ومن قال من العلماء إنه يكون مسلما بشهادة أن لا إله إلا الله وحدها إنما قال ذلك لدلالتها على شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك قال النووي رحمه الله: واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يُحكم بأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادا جازما خاليا من الشكوك ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلا، إلا إذا عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعالجة المنية أو لغير ذلك، فإنه يكون مؤمنا ... إلى أن قال رحمه الله:
أما إذا اقتصر على قول لا إله إلا الله ولم يقل محمد رسول الله، فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه لا يكون مسلما، ومن أصحابنا من قال: يكون مسلما ويُطالَب بالشهادة الأخرى، فإن أبى جُعل مرتدا.
ويُحتج لهذا القول بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أنس رضي الله عنه: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) ) [1] ، وهذا محمول عند الجماهير على قول الشهادتين، واستغنِي بذكر أحدهما عن الأخرى
(1) حديث أنس عده بعض العلماء من المتواتر، وقد رواه من الصحابة ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم عند البخاري ومسلم، وجابر رضي الله عنه عند مسلم، وأبو بكرة رضي الله عنه عند النسائي وأبو بكرة وعمر وجرير رضي الله عنهم عند ابن أبي شيبة، وأنس وسمرة بن جندب وسهل بن سعد وابن عباس وأبو بكرة وأبو مالك الأشجعي رضي الله عنهم عند الطبراني، والنعمان بن بشير رضي الله عنه عند البزار.