لارتباطهما وشهرتهما والله أعلم. اه [1]
إن حقيقة الرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا تتمثل في الإيمان به وتصديق خبره وقبوله والانقياد له جملة وعلى الغيب، والتحاكم إلى هديه وشريعته صلى الله عليه وسلم، وإن من لم يقبل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الشرائع والأحكام، أو تلقى هديه على الجملة من غير النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم يرض بحكمه صلى الله عليه وسلم، أو لم يحكم بشريعته التي جاء بها فهو كافر بالنبي صلى الله عليه وسلم غير مؤمن به.
ولذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان المقصود بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم: وأما الرضا بنبيه رسولا فيتضمن كمال الانقياد له والتسليم المطلق إليه بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته صلى الله عليه وسلم، ولا يُحاكِم إلا إليه، ولا يُحَكِّم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره البتة لا في أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقدماته، ولا في شيء من أحكام ظاهرة وباطنة، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه. اه [2]
وفي نفس هذا المعنى يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. [3]
ويقرر الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو أصل معنى شهادة أن محمدا رسول الله فيقول: وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتبع المحكم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلا وتركا وتحكيما عند النزاع. [4]
ومما يبين اشتراط الرضا بحكم النبي صلى الله عليه وسلم ودينه وهديه وشريعته في صحة الإيمان بالله تعالى
(1) شرح مسلم للنووي ج1/ 149.
(2) راجع مدارج السالكين شرح منازل السائرين لابن القيم ج2/.118
(3) مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1/ 190، وانظر تيسير العزيز الحميد لسليمان السليمان بن عبد الله/554 - 555.
(4) فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، رسالة تحكيم القوانين ج12/ 251.