قال تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) [1]
وهذه الآية دليل وتأكيد لا مدفع له لما سبق ذكره من أن طاعة غير الله تعالى في تحليل ما حرم أو تحريم ما أحل كفر وشرك بالله تعالى، فإن الله تعالى قد بيَّن أن المشركين يجادلون أهل الإيمان في أكلهم ما ذبحوه بأيديهم وتركهم ما قضى الله عليه الموت، مدعين أن الأولى في العقل والمنطق أكل ما قضى الله عليه الموت دون ما ذبحه الإنسان بيده، وبيَّن سبحانه أن من أطاع المشركين في تحليل ما حرمه من الميتة أنه كافر مشرك، وهذا أوضح بيان لما سبق تقريره من أن من أطاع غير الله تعالى في التحليل والتحريم فقد أشرك هذا الغير مع الله تعالى واتخذه لله ندا ومع الله إلها.
قال ابن كثير رحمه الله: استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب إلى أن الذبيحة لا تحل إذا لم يذكر اسم الله عليها وإن كان الذابح مسلما ... إلى أن قال:
وقال الطبراني حدثنا علي بن المبارك حدثنا زيد بن المبارك حدثنا موسى ابن عبد العزيز حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا محمدا، وقولوا له: فما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال، وما ذبح الله عز وجل بشمشير من ذهب، يعني الميتة فهو حرام، فنزلت هذه الآية (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) أي وإن الشياطين من فارس ليوحون إلى أوليائهم من قريش ... إلى أن قال ابن كثير:
وفي بعض ألفاظه عن ابن عباس إن الذي قتلتم ذكر اسم الله عليه وإن الذي قد مات لم يذكر اسم الله عليه ... إلى أن قال: وقال السدي في تفسير هذه الآية: إن المشركين قالوا للمسلمين كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله، فما قتل الله فلا تأكلونه وما ذبحتم أنتم تأكلونه؟ فقال الله تعالى (وإن أطعتموهم) في أكل الميتة (إنكم لمشركون) وهكذا قاله مجاهد والضحاك وغير واحد من علماء السلف.
(1) سورة الأنعام، الآية: 121.