قال تعالى (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) [1]
فقد حكم الله تعالى على من قال لأعداء الله تعالى من الكفار والمرتدين - الذين يكرهون ما أنزل الله تعالى - سنطيعكم في بعض الأمر - ولمّا يطيعونهم بعد - أنهم مرتدون وأن الشيطان سول لهم عملهم هذا وأملى لهم.
فإذا كان هذا حكم من وعد الكفار فقط بالطاعة ولمَّا يطيعونهم بعد، فكيف بمن أطاعهم فعلا في بعض الأمر؟ فكيف بمن أطاعهم فعلا في كل الأمر، بل نفذ مخططاتهم في حرب الإسلام والمسلمين ودخل في أحلافهم، بل وحارب أهل الإسلام إرضاء لهم؟ لا شك أن من فعل هذا فهو كافر خارج عن ملة الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، بل هو من أشد الناس عداوة للإسلام وأهله، ودليل كفره من الآية قوله تعالى (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)
ومن المعلوم إن إحباط العمل جملة لا يكون إلا بالكفر الأكبر، ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله: العمل يحبط بالكفر، قال سبحانه وتعالى (من يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) [2] ، وقال تعالى (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله) [3] ، وقال تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) [4] ، وقال تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك) [5] ، وقال تعالى (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) [6] ... إلى أن قال رحمه الله:
(1) سورة محمد، الآية: 25 - 28.
(2) سورة البقرة، الآية: 217.
(3) سورة المائدة، الآية: 5.
(4) سورة الأنعام، الآية: 88.
(5) سورة الزمر، الآية: 65.
(6) سورة محمد، الآية: 9.