فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 127

قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين) [1] ن وهذه الآية بيان إلهي من الله تعالى لحكم الذين يطيعون أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين وأنهم سيردوهم عن دينهم ويحملوهم على الكفر بعد الإيمان، وإنهم إن فعلوا ذلك فقد خسروا وهلكوا.

قال الطبري رحمه الله: يعني بذلك تعالى ذكره: يا آيها الذين صدقوا الله ورسوله في وعد الله ووعيده وأمره ونهيه (إن تطيعوا الذين كفروا) يعني الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فيما يأمرونكم به وفيما ينهونكم عنه، فتقبلوا رأيهم في ذلك وتنتصحون فيما يزعمون أنهم لكم فيه ناصحون (يردوكم على أعقابكم) ، يقول: يحملونكم على الردة بعد الإيمان والكفر بالله وآياته وبرسوله بعد الإسلام، (فتنقلبوا خاسرين) ترجعوا عن دينكم وإيمانكم الذي هداكم الله له، يعني هالكين قد خسرتم أنفسكم وضللتم عن دينكم، وذهبت دنياكم وآخرتكم، وروى بسنده عن ابن إسحاق: فتنقلبوا خاسرين: أي عن دينكم، وعن السدي: إن تطيعوا أبا سفيان يردكم كفارا. اه [2]

ومثل ما سبق في الدلالة قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) [3]

قال الطبري رحمه الله: وتأويل الآية: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند الله، إن تطيعوا جماعة ممن ينتحل الكتاب من أهل التوراة والإنجيل فتقبلوا منهم ما يأمرونكم به، يضلونكم فيردوكم بعد تصديقكم رسول ربكم وبعد إقراركم بما جاء به من عند ربكم كافرين. اه [4]

قال أحمد شاكر رحمه الله: وقد وقع المسلمون في هذه العصور الأخيرة فيما نهاهم الله عنه من طاعة الذين كفروا، فأسلموا إلى الكفار عقولهم وألبابهم، وأسلموا إليهم في بعض الأحيان

(1) سورة آل عمران، الآية: 149.

(2) تفسير الطبري، ج 7/ 276: 277.

(3) سورة آل عمران، الآية: 100.

(4) تفسير الطبري، ج 7/ 60.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام