فهرس الكتاب
الصفحة 56 من 127

قال تعالى (ولا يشرك في حكمه أحدا) [1]

قال الشنقيطي رحمه الله: قرأ هذا الحرف عامة السبعة ماعدا بن عامر (ولا يشرك) بالياء المثناة التحتية وضم الكاف على الخبر ولا نافية، والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحدا في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره البتة، فالحلال ما أحله تعالى والحرام ما حرمه والدين ما شرعه والقضاء ما قضاه، وقرأه ابن عامر من السبعة (ولا تشرك) بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، أي لا تشرك يا نبي الله، أو لا تشرك أيها المخاطَب أحدا في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم.

وحكمه جل وعلا المذكور في قوله (ولا يشرك في حكمه أحدا) شامل لكل ما يقضيه جل وعلا ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليا.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر، كقوله تعالى (إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه (وقوله تعالى(إن الحكم إلا لله عليه توكلت ... ) الآية، وقوله تعالى (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ... ) الآية، وقوله تعالى (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يُشرَك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (وقوله تعالى(كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) ، وقوله تعالى (له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون) ، وقوله (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ، وقوله تعالى (أفغير الله أبتغي حَكَما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا) إلى غير ذلك من الآيات.

ويُفهَم من هذه الآيات كقوله (ولا يشرك في حكمه أحدا) أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم جاء مبينا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)

(1) سورة الكهف، الآية: 26.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام