اختلفت الأقوال في ذلك على قولين:
فقد أطلق كثير من الصحابة القول بإنه كفر بإطلاق بما يعني أنه الكفر الأكبر المخرج من ملة الإسلام بالكلية، منهم عبد الله بن مسعود فيما نقله عنه ابن كثير في تفسيره أنه سُئل عن الرشوة في الحكم، فقال: ذاك الكفر، وتلا الآية، ورواه ابن جرير من طرق وفي رواية له بإسناده عن مسروق قال: سألت ابن مسعود عن السحت، أهو الرشا في الحكم؟ فقال: لا من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو ظالم، ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو فاسق، ولكن السحت يستعينك الرجل على المظلمة فتعينه عليها، فيهدي لك الهدية، فتقبلها. اه [1]
وقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما بمثل قول ابن مسعود، وكذلك قال بمثل قولهم الحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والسدي.
قال الألوسي رحمه الله: وأخرج ابن المنذر عن مسروق قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أرأيت الرشوة في الحكم أمن السحت هي؟ قال: لا ولكن كفر، إنما السحت أن يكون للرجل عند السلطان جاه ومنزلة، ويكون للآخر إلى السلطان حاجة فلا يقضي حاجته حتى يهدي إليه هدية [2] .
وأخرج عبد بن حميد عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه سُئِل عن السحت فقال: الرشا،
(1) هذا الأثر رواه سعيد بن منصور في سننه، ورواه أيضا بلفظ آخر عن مسروق قال: سالت ابن مسعود عن السحت أهو الرشوة في الحكم؟ قال: لا (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و (الظالمون) و (الفاسقون) ، ولكن السحت أن يستعينك رجل على مظلمة فيهدي لك فتقبله فذلك السحت، راجع تفسير الطبري ج 6/ 240.
(2) هذا الأثر رواه أسلم بن سهل الواسطي عن بشر بن محمد بن أبان بن مسلم حدثنا أسلم ثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ثنا بشر بن محمد بن أبان بن مسلم الواسطي ثنا حماد بن سلمة عن أبان بن أبي عياش عن مسلم بن أبي عمران عن مسروق قال: قلت لعمر بن الخطاب أرأيت الرشوة في الحكم هو السحت؟ قال: لا ولكن الكفران، السحت أن يكون للرجل ثم السلطان منزلة ويكون للآخر إليه حاجة فيهدي له ليقضي حاجته (راجع تاريخ واسط لأسلم بن سهل الرزاز الواسطي ج1/ 181) .