فهرس الكتاب
الصفحة 122 من 127

قال ابن كثير رحمه الله: وقوله جل وعلا (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) : أي هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم من التحليل والتحريم والعبادات الباطلة والأموال الفاسدة. اه [1]

قال ابن حزم رحمه الله: فإن كان يعتقد أن لأحد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرم شيئا كان حلالا إلى حين موته عليه السلام، أو يحل شيئا كان حراما إلى حين موته عليه السلام، أو يوجب حدا لم يكن واجبا إلى حين موته عليه السلام، أو يشرع شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فهو كافر مشرك حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولا فرق. اه [2]

وقال ابن حزم أيضا: وأما من ظن أن أحدا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويحدث شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فقد كفر وأشرك وحل دمه وماله ولحق بعبدة الأوثان، لتكذيبه قول الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال تعالى (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ، فمن ادعى أن شيئا مما كان في عصره عليه السلام على حكم ما، ثم بدل بعد موته فقد ابتغى غير الإسلام دينا، لأن تلك العبادات والأحكام والمحرمات والمباحات والواجبات التي كانت على عهده عليه السلام، هي الإسلام الذي رضيه الله تعالى لنا، وليس الإسلام شيئا غيرها.

فمن ترك شيئا منها فقد ترك الإسلام، ومن أحدث شيئا غيرها فقد أحدث غير الإسلام، ولا مرية في شيء أخبرنا الله تعالى به أنه قد أكمله، وكل حديث أو آية كانا بعد نزول هذه الآية، فإنما هي تفسير لما نزل قبلها، وبيان لجملتها، وتأكيد لأمر متقدم، وبالله تعالى التوفيق. اه [3]

وقال أبو يعلى الفراء رحمه الله: ومن اعتقد تحليل ما حرم الله بالنص الصريح، أو من رسوله صلى الله عليه وسلم أو أجمع المسلمون على تحريمه فهو كافر، كمن أباح شرب الخمر ومنع الصلاة

(1) تفسير ابن كثير، ج 4/ 167، ط: دار الفكر.

(2) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، ج1/ 73.

(3) الإحكام، ج 2/ 144 - 145.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام