فهرس الكتاب
الصفحة 85 من 127

وهذه المسألة - أعني حكم من ترك الحكم بما أنزل الله تعالى أو حكم رسوله صلى الله عليه وسلم - قد وقع فيها نزاع طويل لا يزال إلى يومنا هذا، ومختصره:

* هل يكفر من ترك الحكم بما أنزل الله تعالى وحكم بغيره، أم لا بد أن يضم إلى ذلك اعتقاد عدم صلاحية أحكام الشريعة، أو اعتقاد أن غيرها أفضل منها، أو جحدها، أو استحلال الحكم بغيرها؟

* وهل الكفر الوارد في الأدلة كفر أكبر مخرج من ملة الإسلام أم هو كفر أصغر لا يخرج من الملة؟

* وهل الأدلة الواردة في هذه المسألة - وقد نزلت في أهل الكتاب - يدخل فيها المسلمون أيضا كما يدخل فيها أهل الكتاب أم لا؟ فهذه أهم المسائل المتعلقة بهذا المناط.

* والحقيقة أن ما ورد في هذه المسألة قد ورد على وجهين، فمن السلف والعلماء من تكلم عن واقعه وحاضره، فرأى من بعض الحكام جورا وظلما وأثرة وتقصيرا في تنفيذ بعض الأحكام، دون أن يقع من هؤلاء الحكام ما وقع من حكام عصرنا من تشريع الأحكام من دون الله تعالى وإلزام الناس بحكم الطاغوت، وأراد الخوارج أو غيرهم في زمانهم أن يحملوا هؤلاء العلماء على القول بموافقتهم في تكفير هؤلاء الأمراء موافقة لمذهبهم في تكفير أصحاب المعاصي والذنوب من أهل القبلة، فصرح بعدم تكفيرهم لما رآه منهم من أوجه الخير وأعظمها الإيمان بالله تعالى وإقامة واجباته ومن أعظمها الحدود والجهاد في سبيل الله تعالى، وإن كانوا قد وقعوا في بعض التجاوزات والمعاصي غير المكفرة.

فطار البعض بكلام من لم يكفر هؤلاء الحكام ووضعوه في غير موضعه اللائق به، وأنزلوه على كل من نحى شريعة الله تعالى وحكمه، وحكم بين الناس بالقوانين الوضعية المصادمة في أصولها وفروعها ومأخذها لحكم الله تعالى ودينه، وهذا مسلك واضح البطلان لأنه إنزال لنصوص أقوال السلف والعلماء على غير مناطها، بل الحق أن ننزل الكلام منزلته اللائقة به ونضعه فيما يناسبه من واقع.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام