فهرس الكتاب
الصفحة 72 من 127

كفار وإن كانوا مصدقين بنبوته، وكذلك هؤلاء وإن قالوا بألسنتهم إنهم مسلمون فما داموا لا يحكمون بما أنزل الله فمن أين جاءهم وصف الإسلام وهم بهذا الحال وبهذه المناقضة لشهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله.

ولذلك فقد قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله في قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون ... ) الآية: فمن خالف ما أمر الله به ورسوله بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعا لما يهواه ويريده، فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه وإن زعم أنه مؤمن، فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك وأكذبهم في زعمهم الإيمان لما في ضمن قوله (يزعمون) من نفي إيمانهم، فإن (يزعمون) إنما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته لموجبها وعمله بما ينافيها، يحقق هذا قوله (وقد أمروا أن يكفروا به) ، لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد - كما في آية البقرة -، فإن لم يحصل هذا الركن لم يكن موحدا، والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسد بعدمه، كما أن ذلك بين في قوله تعالى (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) ، وذلك أن التحاكم إلى الطاغوت إيمان به. اه [1]

وقال سيد قطب رحمه الله: وفي هذا النص يبين الله سبحانه شرط الإيمان وحد الإسلام في الوقت الذي يبين فيه قاعد النظام الأساسي في الجماعة المسلمة وقاعدة الحكم ومصدر السلطات، وكلها تبدأ وتنتهي عند التلقي من الله وحده ... إلى أن قال:

إن الحاكمية لله وحده في حياة البشر ما جَلَّ منها وما دق وما كبر منها وما صغر، والله قد سن شريعة أودعها قرآنه وأرسل بها رسولا يبينها للناس ولا ينطق عن الهوى فسنته صلى الله عليه وسلم مِنْ ثم شريعة من شريعة الله ... إلى قوله رحمه الله:

(وأولي الأمر منكم) أي من المؤمنين الذين يتحقق فيهم شرط الإيمان وحد الإسلام المبين في الآية من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وإفراد الله بالحاكمية وحق التشريع للناس ابتداء والتلقي منه وحد - فيما نص عليه - والرجوع إليه فيما تختلف فيه العقول والأفهام والآراء مما لم يرد فيه نص لتطبيق المبادئ العامة في المنصوص عليه.

(1) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ج1/ 492 - 493.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام