فهرس الكتاب
الصفحة 6 من 127

مدارس لإخراج زعماء المجرمين، ونزَعَت من الناس الغَيْرَةَ والرجولة، وامتلأ البلدُ بالمراقص والمواخير، وشاع الاختلاط بين الرجال والنساء، حتى لا مُزْدَجَر، وصرتم تَرَوْن ماتَرَوْن وتقرؤون ما تقرؤون في الصحف والمجلات والكتب بما يَسَّرت من سُبُل الشهوات وبما حَمَت من الإباحية السافرة المستهترة، وبما نزعت من القلوب الإيمان حتى صار المنكر معروفا والمعروف منكرا ... ولو أننا حكَّمنا شريعتنا وأطعنا ربَّنا وأعطينا الدماء حقَّها وحرمتها، فوضعنا القصاص موضعه وتركنا في جريمة القتل العمدِ الشروط التي ليست في كتاب الله وما يُسمَّى الظروف المخففَّة، وتركنا هذه الإجراءات المطوَّلة المعقَّدة وأسرعنا في إقامة العدل وأظهرنا منه موضع العبرة والموعظة، لو فعلنا هذا لنقصت جرائمُ القتلِ نقصا بيِّنا لِما يعلمُ القاتلُ أنَّ يد الشرعِ لاتُفْلتِهُ.

وهذه جرائمُ السرقة، ليست بي حاجةٌ أن أُفصِّل لكم ماجنَتْ كثرتها على الأمة وعلى الأمن، وها أنتم أُولاء تسمعون حوادثها وفظائعها، وتقرؤون من أخبارها في كل يوم، وتَروْن السجون قد مُلئَت بأكابر المجرمين العائدين وبتلاميذهم المبتدئين الناشئين، ثم كلما زادوهم سجناً زادوا طغيانا، ولو أنهم أقاموا ما أُنزل إليهم من ربهم وحدُّوا السارق بما حَكم اللهُ به عليه، لكنتم تتَشوفون إلى أن تسمعوا خبرا واحدا عن سرقة، ثم لو وقع كان فاكهة يتنَدَّرُ الناسُ بها، ذلك أنَّ عقوبة الله حاسمة لايحاول اللصُّ معها أن يختبر ذكاءَه وفنَّه.

إنَّ الله خلق الخلق وهو أعلمُ بهم، وهو يعلم خائنة الأعين وماتُخفي الصدورُ، ويعلم مايُصلح الفرد وما يُصلح الأُمة، وقد شرع الحدود في القرآن زجراً ونكالا بكلام عربي واضح لايحتملُ التأويل، أفيعتقدُ المخدوعون منَّا بمثل هذه النظريات أن السنيور لمبروزو أعلم بدخائل نفس الجاني من خالقه؟ أم هم يشكُّون في أنَّ هذا القرآن من عند الله؟.

نعم إنَّ القوانين الإفرنجية والنظم الأُوربية، فيها كثيرٌ مما يخالف عقائد المسلمين، وفيها تعطيل لكثير من فروض الدين، فيها إباحة الخمور علنا والترخيص رسمياً ببيعها بتصريح كتابيٍ يوقِّع عليه وزيرٌ من وزراء الدولة أو موظفٌ كبير من موظفيها، بل إن فريقاً من رجال الدولة الكبار لايخجلون أن تدار عليهم الخمور في حفلات رسمية ينفق عليها من أموال الدولة بحجة أن هذا إكرام لمدعويهم من الأجانب، أو بما شئت من حجج تجردت من الحياء، حتى إن الدهماء ومن يسمونهم بِسِمَةِ «الطبقة الراقية» اقتدوا بساداتهم وكبرائهم، واستغلوا هذه القوانين

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام