فهرس الكتاب
الصفحة 41 من 127

والقوانين والقِيَم والموازين، وهذا الحق في جميع الأنظمة الأرضية يدعيه بعض الناس - في صورة من الصور - ويرجع الأمر فيه إلى مجموعة من الناس على أي وضع من الأوضاع، وهذه المجموعة هي التي تخضع الآخرين لتشريعها وموازينها وتصوراتها وهي الأرباب الأرضية التي يتخذها بعض الناس أرباب من دون الله. اه [1]

وما سبق من أقوال أهل العلم والتفسير يبين بوضوح أن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله تعالى، وأن هذه الطاعة لله تعالى هي اعتراف بالربوبية له تعالى، وأن من أطاع غير الله تعالى في تحليل الحرام أو تحريم الحلال فقد اتخذ هذا الغير - أيا كان هذا الغير فردا أو هيئة أو حزبا أو برلمانا أو حاكما - ربا وإلها من دون الله تعالى.

ومن المعلوم أن الأنظمة الديمقراطية تقوم على اختيار محموعة من البشر يُنتَخبون من قِبَل جمهور الناس ليشرعوا لهم ما يحتاجون إليه من قوانين وتشريعات، وهذه القوانين والتشريعات التي يصدرها هؤلاء لها قوة بحيث أنه لا يجوز لأحد الخروج عنها أو مخالفتها وإلا تعرض للعقوبة، ويُلزم القضاة في الحكم بها للفصل بين الناس فيما يقع من خصومات، ويصدروون أحكامهم هذه بلفظة: باسم الشعب، هذا في الأنظمة الديمقراطية، أما في الأنظمة الدكتاتورية فالذين يتولون التشريع للناس مجموعة أقل مما في النظام الديمقراطي في العادة، وهم أعضاء الحزب الحاكم في الغالب، وتكون الصرامة في تنفيذ هذه القوانين أشد والعقوبة على المخالفة أعظم.

ومن المعلوم أن الذي يفعله هؤلاء وهؤلاء هو عين الشرك بالله تعالى، وهو عين اتخاذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله، فإن الصفة التي يصبغها هؤلاء الطواغيت على مشرعيهم لا تجوز بحال إلا لرب الأرباب تبارك وتعالى رب السمواوات والأرض سبحانه، وصفة الإلزام التي يصبغون بها تشريعهم الباطل لا تكون إلا للتشريع الذي نزل من عند الله تعالى، فالله هو الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام، وما حلله فهو الحلال، وما شرعه اتبع، وما حكم به نفذ سبحانه وتعالى عما يشركون.

ومن هذا يتبين أن طاعة القوانين الوضعية التي يشرعها الطواغيت في البرلمانات الشركية

(1) (( في ظلال القرآن لسيد قطب، ج1/ 406.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام