فهرس الكتاب
الصفحة 124 من 127

غيره كان مستحقا لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله، فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، قال الله تعالى (آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [1]

وقال الدكتور محمد نعيم ياسين: ويكفر كل من ادعى أن له الحق في تشريع ما لم يأذن به الله بسبب ما أوتي من السلطان والحكم، فيدعي أن له الحق في تحليل الحرام وتحريم الحلال، ومن ذلك وضع القوانين والأحكام التي تبيح الزنا والربا وكشف العورات، أو تغيير ما جعل الله لها من العقوبات المحددة في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تغيير المقادير الشرعية في الزكاة أو المواريث والكفارات والعبادات وغيرها مما قدره الشارع في الكتاب والسنة ... إلى أن قال: ومن هنا تعلم انه إذا قام حاكم ينتحل الحق في إصدار تشريعات مناقضة لما هو ثابت في الكتاب أو السنة، يحلل به ما حرم الله أو يحرم به ما أحل الله سبحانه كفر وارتد عن دينه القويم ... إلى قوله:

فمن سن قانونا يبيح بموجبه الزنا أو الربا أو أي شيء من المعاصي المتفق على حرمتها في شرع الله فقد كفر، ويكفر جميع من يسهم برضاه في إصدار مثل هذا القانون. اه [2]

قال ابن القيم رحمه الله: وقد جاء القرآن وصح الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله، وأن من التزم ما جاءت به التوراة والإنجيل، ولم يتبع القرآن فإنه كافر، وقد أبطل الله كل شريعة كانت في التوراة والإنجيل وسائر الملل، وافترض على الجن والإنس شرائع الإسلام، فلا حرام إلا ما حرمه الإسلام، ولا فرض إلا ما أوجبه الإسلام. اه [3]

فإن كان من يتبع التوراة والإنجيل التي هي كتب سماوية في أصلها قبل التبديل ويترك أحكام القرآن والسنة كافر خارج عن ملة الإسلام، فما حكم من ترك التوراة والإنجيل والقرآن واتبع أهواء العلمانيين والملاحدة والمجرمين الذين يتلاعب بهم الشيطان يحلون الشيء اليوم ويحرمونه غدا؟ لا شك أنهم أولى بالكفر ممن حكم بالتوراة أو الإنجيل وترك حكم القرآن، وهذا هو عين ما يحدث في البرلمانات الشركية والتي يعتبرونها رمزا للتقدم والحضارة والمدنية.

(1) مجموع الفتاوى، ج 35/ 373، والآيات من سورة العنكبوت: 1 - 3.

(2) الإيمان لمحمد نعيم ياسين / 102 - 104.

(3) أحكام أهل الذمة لابن القيم، ج 1/ 259.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام