قال أحمد شاكر رحمه الله: فانظروا أيها المسلمون - إن كنتم مسلمين - إلى بلاد الإسلام في كافة أقطار الأرض إلا قليلا، وقد ضربت عليها القوانين الكافرة الملعونة المقتبسة من قوانين أوربة الوثنية الملحدة، التي استباحت الربا استباحة صريحة بألفاظها وروحها، والتي يتلاعب فيها واضعوها بالألفاظ، بتسمية الربا فائدة، حتى لقد رأينا ممن ينتسب إلى الإسلام من رجال هذه القوانين ومن غيرهم ممن لا يفقهون من يجادل عن هذه الفائدة، ويرمي علماء الإسلام بالجهل والجمود، إن لم يقبلوا منهم هذه المحاولات لإباحة الربا، أيها المسلمون: إن الله لم يتوعد في القرآن بالحرب على معصية من المعاصي غير الربا، فانظروا إلى أنفسكم وأممكم ودينكم، ولن يغلب الله غالب. اه [1]
مما سبق من الأدلة وأقوال العلماء يتبين حكم من ادعى لنفسه حق التشريع من دون الله تعالى أو مارس ذلك عمليا، أو بدل شرع الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وكذلك حكم من رضي بذلك أو ساهم فيه، وأن ذلك كفر لا يختلف عليه العلماء، وأن الذين يشرعون للناس أحكاما من دون الله تعالى إنما ينازعون الله تعالى في أخص صفات الألوهية، وهي صفة الحكم والتشريع وفصل الخصومات.
ومن قلب نظره في بلادنا التي تدعي أنها بلاد إسلامية فلن يجد حوله إلا أربابا من دون الله وآلهة معبودة تنازع الله تعالى في حق التشريع والحكم بين الناس، بل انفردوا في غالب هذه الدول بالتشريع والحكم بين الناس وأنزلوا تشريعاتهم الملعونة منزلة الشرع المنزل، فهل بعد هذا الكفر من كفر وهل بعد هذا الشرك من شرك، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
(1) عمدة التفسير ج 2/ 197، وللشيخ أحمد شاكر كلام آخر في هذه المسألة في عمدة التفسير ج 1/ 175، 204، 227 - 228.