تنفيذهم شريعة الله سواء من الناس أولئك الطغاة الذين يأبون الاستسلام لشريعة الله ويرفضون من ثم الإقرار بتفرد الله سبحانه بالألوهية، أو أولئك المستغلون الذين تحول شريعة الله بينهم وبين الاستغلال، أو تلك الجموع المضللة أو المنحرفة أو المنحلة التي تستثقل أحكام شريعة الله وتشغب عليها، لا تقف خشية هؤلاء جميعا دون المضي في تحكيم شريعة الله في الحياة، فالله وحده هو الذي يستحق أن يخشوه والخشية لا تكون إلا لله ... إلى أن قال رحمه الله: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) بهذا الحسم الصارم الجازم وبهذا التعميم الذي تحمله من الشرطية وجملة الجواب بحيث يخرج من حدود الملابسة والزمان والمكان وينطلق حكما عاما على كل من لم يحكم بما أنزل الله في أي جيل ومن أي قبيل، والعلة هي التي أسلفنا هي أن الذي لا يحكم بما أنزل الله إنما يرفض ألوهية الله فالألوهية من خصائصه، ومن مقتضاها الحاكمية التشريعية ومن يحكم بغير ما أنزل الله يرفض ألوهية الله وخصائصها في جانب ويدعي لنفسه حق الألوهية وخصائصها في جانب آخر ومإذا يكون الكفر إن لم يكن هو هذا أو ذاك؟ إن المماحكة في هذا الحكم الصارم الجازم العام الشامل لا تعني إلا محاولة التهرب من مواجهة الحقيقة، والتأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه، وليس لهذه المماحكة من قيمة ولا أثر في صرف حكم الله عمن ينطبق عليهم النص الصريح الواضح الأكيد. اه [1]
(1) الظلال، ج 2/ 897 - 898.