فهرس الكتاب
الصفحة 117 من 127

عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز [1]

وقال الدكتور عمر عبد الرحمن حفظه الله وفك الله أسره: نحن أمام نوعين من الحكام:

أحدهما: مسلم يحكم بكتاب الله، ولكنه ترك الحكم بما أنزل الله في إحدى الوقائع أو بعضها وهو يعلم أنه بذلك عاص آثم، والآخر: يدعي الإسلام، ولا يحكم بكتاب الله ولكن يحكم بتشريع وضعي يشرعه هو أو غيره من البشر ويحمل الناس على التحاكم إلى هذا الشرع الوضعي منحيا شرع الله عن الحكم، فما القول في كل منهما؟ وما نصيب كل واحد منهما من قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) .

هل يستوي هذا الحاكم الذي أسس بنيان حكمه على الإسلام وعلم أنه عبد لله ما عليه إلا أن يطبق حكم الله ويقيم شرع الله، بيد أنه أتى معصية بتركه الحكم بما أنزل الله في واقعة، عصيانا لا جحودا ولا استبدالا ولا اعتقادا بأفضلية شرع غير شرع الله، وليس عنده تشريع غير شرع الله يأمر الناس بالتحاكم إليه.

هل يستوي هذا مع من أسس بنيان حكمه على شفا جرف هار من القوانين الوضعية فانهارت به في نار جهنم، فتجده لا يحكم بما أنزل الله لأنه لا يقيم حكمه على أساس أنه عبد لله، بل يرى أنه هو أو غيره - برلمانا كان أو حزبا أو هيئة أو نظاما - صاحب الحق في التشريع من دون الله، أو التشريع مع الله.

إن الأول منهما بلا جدال إنما هو حاكم مسلم عاص، مسلم: لأنه يقيم حكمه على أساس أن الحكم والتشريع إنما هو خالص حق الله تعالى لا يشاركه فيه غيره، ويعلم أن دوره كوالٍ أو خليفة للمسلمين هو أنه يحكم بين عباد الله بما أنزل الله.

عاص: لأنه خالف مولاه فترك الحكم بما أنزل الله في واقعة عصيانا لا جحودا ولا استبدالا، وهو الذي عناه ابن عباس بقوله: إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه [2] ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) كفر دون كفر.

(1) فتاوى اللجنة الدائمة جمع الدويش، فتوى رقم 6225 ج2/ 39، وراجع عمدة التفسير ج4/ 157، فتاوى ابن عثيمين، ج 3/ 51، واقعنا المعاصر لمحمد قطب/ 333، الحد الفاصل بين الإيمان والكفر للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق / 15.

(2) سبق بيان ضعف الأثر عن ابن عباس رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام