فهرس الكتاب
الصفحة 113 من 127

دون كفر، كلا وحاشا أن يكون علماؤنا بهذه السذاجة وقلة الفقه.

ونحن لا نريد أن ندخل مع بعض الناس في جدال طويل عن صورة غير حادثة في عصرنا وهي صورة الحكام الذين يعتمدون أحكام القرآن والسنة في قضاياهم ومحاكهم ثم يحدث منهم بعض التجاوزات التي لا تخدش هذا الأصل في وقائع معينة، ثم ننسى أو يضيع منا المقصود في غمرة الخلاف، نحن نتكلم عن حكام نحوا شريعة الله تعالى من حياتهم وأحكامهم، وقننوا للناس وشرعوا لهم أحكاما وقوانين جاهلية طاغوتية ما أنزل الله بها من سلطان، ونصبوا أنفسهم وبرلماناتهم آلهة مشرعين، وألزموا الناس جميعا بالعمل بهذه القوانين، بل وعاقبوا من خرج عليها أو دعاهم إلى حكم الله ورسوله بالأحكام التي قد تصل أحيانا إلى القتل، ويتحاكمون في قضاياهم الدولية إلى الطاغوت الأكبر - الأمم المتحدة -، ويوالون كفار الشرق والغرب وينصرونهم على أهل الإسلام، فهل في الحكام الذين وردت أقوال العلماء في مثلهم من كان يفعل ذلك؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه.

وقد قال الشيخ أبو بصير عبد المنعم مصطفى حليمة حفظه الله: نحن إذ نتكلم عن طغيان الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله وعن حكم الشرع فيه لا نقصد منه صورة ذاك الحاكم الطيب الذي يحب شرع الله ولا يرضى عنه بديلا، ويسعى إلى تطبيقه قدر طاقته في جميع مجالات الحياة، لكنه في واقعة تخونه نفسه فيحكم فيها بغير ما أنزل الله لضعف في نفسه أو هوى مع اعترافه بالتقصير وشعوره بالإثم ... إلى أن قال:

فنحن لا نريد هذه الصورة الشبه غائبة عن الساحة ومنذ زمن بعيد، وإنما نريد حالة أخرى، نريد تلك الصورة السائدة في كثير من أمصار المسلمين، نريد ذاك الحاكم الذي غَيَّر وبدَّل، وقدم شرع الطاغوت على شرع الله، واستحسنه وحسنه في أعين الناس، نريد ذاك الحاكم الذي يحارب ويعادي شرع الله، والدعاة إلى تطبيق شرع الله في الأرض، نريد ذاك الحاكم الذي يحمي - بالمال والرجال والسلاح - والقوانين الكفر، ويقاتل الأمة دونها، نريد ذاك الحاكم الذي ظهرت فيه جميع العلامات والقرائن الدالة على كرهه لشرع الله، نريد ذاك الحاكم الذي يحتاج إلى ثورة عارمة مسلحة حتى ينصاع إلى أمر أو حكم واحد من أحكام الله، نريد ذاك الحاكم الذي استحل - بلسان الحال والعمل وهو أقوى من لسان المقال - الحكم بغير ما أنزل الله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام