فهرس الكتاب
الصفحة 107 من 127

وهشام بن حجير لم يرو له أهل الصحيح إلا مقرونا مع غيره، ولم يرو له أحد من أهل الصحيح استقلالا، فقد روى له البخاري رحمه الله حديثا واحدا عن طاووس، وهو حديث سليمان عليه السلام في قوله: (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة ... ) الحديث، أورده في كتاب كفارة الأيمان من طريقه، وفي النكاح وقد تابعه فيه عبد الله بن طاووس [1] ، وروى له مسلم في موضعين متابعا أيضا، وقد قال أبو حاتم الرازي رحمه الله: يُكتَب حديثه، وهذه من صيغ التمريض والتضعيف عند أهل الفن، ولكن حديثه يصلح في الشواهد والمتابعات، ولا يصلح استقلالا.

وقد وثق هشام هذا ابن حبان والعجلي وابن سعد والذهبي، وابن حبان معروف عند أهل الفن بالتساهل في التوثيق، والعجلي لعله قد تابع ابن حبان على ذلك، فقد قال المعلمي اليماني رحمه الله عنه: توثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان تماما أو أوسع [2] ، وقال أيضا عن توثيق ابن سعد: إن أغلب مادته من الواقدي المتروك، وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في مقدمة الفتح في ترجمة عبد الرحمن بن شريح، وبعد أن ذكر تضعيف ابن سعد له قال: ولم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا، فإن مادته من الواقدي في الغالب، والواقدي ليس بمعتمد [3] .

فالخلاصة أن هشام ضعيف الرواية إذا انفرد، وقد انفرد هنا بالرواية عن ابن طاوس عن ابن عباس، ومما يبين أن هذا الكلام مدرج من كلام ابن طاوس الأثر الذي رواه عبد الرزاق وفيه التصريح بأن هذا الكلام مدرج من كلام ابن طاوس وليس من كلام ابن عباس، والله تعالى أعلم.

ومع ضعف سند هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما فقد عارضته رواية عبد الله بن طاووس فروى عن أبيه أنه قال: سئل ابن عباس عن قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: هي كفر، وفي لفظ آخر: هي به كفر، وفي لفظ ثالث: كفى به كفره، وهذا الأثر رواه عبدالرزاق في تفسيره وابن جرير ووكيع في أخبار القضاة وغيرهم بسند صحيح فهذا هو الثابت عن ابن عباس.

(1) راجع مقدمة فتح الباري / 448.

(2) راجع الأنوار الكاشفة للمعلمي اليماني / 68.

(3) مقدمة فتح الباري / 417، ط: دار الفكر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام