ـ كحديث وفد عبد القيس سألوه عن الإيمان فدخل فيه الإسلام حيث ذكر أركانه، ولا يمنع ذلك كونه هو الإيمان.
ثانياً: هذا القول أعني قول أهل السنة أو قول محققي أهل السنة هو الراجح لقوّة أدلته وجمعه بين أدلة مخالفيه وكذلك إمكان الجواب عن وجه استدلال مخالفيهم.
فالإسلام هو الإيمان عند الافتراق بذكر أحدهما في نصٍّ دون الآخر، فإذا اجتمعا في نص واحد افترقا.
فالإسلام: الأعمال الظاهرة ومنها الشهادتان والصلاة ..
والإيمان: الأعمال الباطنة من الاعتقادات كالتوكل والخوف والمحبة والرغبة والرهبة ... وغيرها.
وقد دل على هذا دلائل كثيرة منها اكتفاءً واختصاراً:
قوله تعالي في سورة الحجرات: {قَالَتِ الأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قَولَوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِىقُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14] ، فاجتمعا في نص واحد، ونفى عنهم الإيمان، وأثبت لهم الإسلام؛ فدل على افتراقهما أنهم مسلمون لكن لم يبلغوا أن يكونوا مؤمنين.
ووجه الدلالة كما في دلالة آية الحجرات، بتفريقه صلى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم في نص واحد، مما يدل أن لكل منهما معنى يختص به.
وحديث جبريل عليه السلام المشهور وفيه ذَكَر الإسلامَ: بالأركان الخمسة، والإيمان: بالأصول الستة.
فإنهما اجتمعا في نص واحد، أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لكلٍ بمعنى غير الآخر؛ فدل على افتراقهما.
وأركان الإسلام الخمسة أعمال ظاهرة، وأصول الإيمان الستة أعمال باطنة، ولا بد منهما جميعاً.
وحديث سعد بن أبي وقاص¢ قال: (( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وسعد جالسٌ، فترك رجلاً هو أعجبهم إليَّ، فقلت: يا رسول الله مالك عن فلان؟ فو الله إني لأراه مؤمناً. فقال: (( أو مسلماً ) )مالك عن فلان، ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي، فقلت: مثل