فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 94

زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم )) متفق عليه [1] . فدل ذلك على أن موضع الإيمان هو القلب.

4 ـ إن الإيمان ضد الكفر والكفر هو التكذيب والجحود. فصار الإيمان ضده التكذيب والجحود وهما يكونان في القلب فكذا ما يضادهما.

5 ـ أن الإيمان لو كان قول وعمل أي عمل بالأركان والجوارح يزال الإيمان بزوال العلم أو جزء منه. والإيمان كل لا يتجزأ إذا زال بعضه زال باقيه.

6 ـ أن الله تعالى عطف العمل على الإيمان في مواضع عديدة من القرآن قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:] وكقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} [الكهف: 107] ، وهذا العطف يستلزم المغايرة.

7 أن الكافر لو آمن قبل دخول وقت الصلاة ـ مثلاً ـ ومات ولم يصل لله صلاة فإنه يعد مؤمناً لإيمان قلبه ولتصديقه. فدل على أن الإيمان إنما يكون بالقلب.

8 أن الأعمال قد تسقط عن بعض الناس في أوقات معينة، كالحائض والنفساء وغيرهن فإنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يطوفون بالبيت ولا يقرأون القرآن ... فلو كانت الأعمال داخلة في الإيمان أو هي الإيمان لما عذر مثل هؤلاء. أما إيمان القلب فإنه على الدوام والاستمرار.

هذه أشهر أدلتهم على قولهم.

المبحث الثاني: مناقشة الأدلة وبيان الراجح من الأقوال.

-مناقشة الأدلة:

1 مناقشة الدليل الأول:

أ لا نسلم بأن حد الإيمان في اللغة هو التصديق. لكن المعنى الشرعي يأتي بزيادة على المعنى اللغوي. كالصلاة هي لغة الدعاء [2] ، وهي في الشرع أفعال وأقوال مخصوصة متعبد لله بها.

كذلك الصيام هو في اللغة الإمساك [3] ، لكنه في اصطلاح الشرع الإمساك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وهكذا.

(1) رواه البخاري 4/ 1555، كتاب المغازي، باب بعث النبي' إلى الحرقات رقم 4021، ومسلم 1/ 95، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر إن قال لا إله إلا الله رقم 96.

(2) انظر"القاموس"ص 1681 مادة صل. و"مختار الصحاح"368 مادة صل.

(3) انظر"القاموس"ص 1460 مادة صام، وكذلك"مختار الصحاح"374 مادة صوم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام