فهرس الكتاب
الصفحة 46 من 94

فالمعنى الشرعي يأتي بزيادات وضوابط لاتوجد في المعنى اللغوي فدل على أن الاختصار على المعنى اللغوي للإيمان خطأ، والإيمان كالصلاة والزكاة والصوم والحج بل هو أساسها.

ب ـ جواب آخر أنه فرضاً إذا كان الإيمان هو التصديق، فنقول التصديق يكون في القلب كما يكون باللسان والجوارح.

فمن تصديق اللسان شهادة الرجل على أمر ما. فشهادته تعتبر تصديقاً لهذا الأمر.

ومن تصديق الجوارح ما جاء في حديث أبي هريرة¢ أن النبي، قال: (( إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) )متفق عليه [1] .

جـ ـ كذلك نقول أن أصل التصديق إنما هو في القلب وهو الذي عليه الاعتماد وفيه المحك لحديث: (( أخرجوا من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ) ). وأما ما يظهر على اللسان والجوارح فهو من لوازم تصديق القلب، وانتفاء اللوازم يؤدي إلى انتفاء الملزوم كما هو متصور.

وتدخل هذه اللوازم في مسمى الملزوم كتصديق الجوارح فإنه تسمى تصديقاً كما يسمى الملزوم وهو الإيمان تصديقاً.

فحاصل هذه الأجوبة أن الإيمان داخل فيه عمل الجوارح، وأنه يطلق على إيمان القلب إيماناً، كذلك يطلق الإيمان على عمل الجوارح.

د ويجاب به أيضاً أن أصل الإيمان مأخوذ من الأمن وهو ضد الخوف وإنما التصديق معنى من معانيها فإنه يقال للمُخبر بشيء إذا صح قوله صدَّقه ولا يقال آمنه ولا آمن به.

ه والاستدلال على المعنى اللغوي بقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا} [يوسف: 17] ، نقول فرق بين التعدية باللام كما في هذه الآية وبين التعدية بالباء كقوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] .

-فالتعدية بالباء تكون للمُخبَر به أي تصدق به فإذا جاء أحد بشيءٍ معروف أو معلوم فإنا نصدقه.

(1) البخاري 5/ 2304 رقم 5889، كتاب الاستئذان، باب زنى الجوارح، ومسلم 4/ 2049، كتاب القدر، باب قدّر الله على ابن آدم حظه من الزنى رقم 2657.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام