كما نقول إن الكفر مراتب منها ما يُخرِج عن الملة ومنها ما لا يُخرج عن الملة. كحديث زيد بن خالد الجهني عن النبي، وفيه: (( هل تدرون ما قال ربكم؟ ... قال: أصبح عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا .... ) )الحديث متفق عليه [1] . ولذا قال بعض علماء السنة والجماعة إن الشرك الأصغر أكبر الكبائر.
فهذا الكفر في الحديث كفر أصغر لا يُخرج عن الملة ويسمى عندنا كبيرة من الكبائر، ولو كان كفراً أكبر مخرجا من الملة لأمرهم النبي، بتجديد إيمانهم وإسلامهم وإعلان التوبة من ذلك كما حصل ممن ارتد، وكما مر في مناقشة الدليل الثاني.
-وقد قيل ناقشوا الوعيدية بنصوص الوعد. وناقشوا المرجئة بنصوص الوعيد.
ثانيا: مناقشة أدلة المرجئة:
ونرد عليهم بنصوص الوعيد، فنقول:
1 ـ استدلالكم بنصوص الوعد على أن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان. استدلال ببعض الأدلة وردِّ البعض منها ـ أدلة الوعيد ـ.
2 ـ أن رحمته وعفوه سبحانه وتكفيره للسيئات لا يُنافي عدله، ومن عدله سبحانه مجازاة العاصي بسبب معصيته.
3 أن صِليّ النار على نوعين كما وردت بذلك النصوص:
-صِليّ على سبيل الخلود، وهو للكافر، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف: 36] .
-ونوع آخر وهو أنّ صِليّ دون ذلك وفصاحبه يصلى النار لكن لا يُخلد فيها، بل يعذب إن عذب على قدر معصيته. والله وأعلم به. ثم يخرج من النار بتوحيده وإيمانه كما سبق في حديث أبي هريرة: (( أخرجوا من النار من كان في قبله أدنى حبة من خردل من إيمان ... ) )الحديث.
(1) أخرجه البخاري 1/ 290، كتاب صفة الصلاة، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم رقم 810. ومسلم في كتاب الإيمان، باب من قال مطرنا بالنوء رقم 71.