5 مناقشة الدليل الخامس:
قولهم أن الإيمان كل لا يتجزأ إذا زال جزء منه زال باقيه، يُرد بأن الشيء المركب قسمان:
أ ـ قسم التسمية فيه شرط، فإذا زال جزء منه زالت التسمية، ومثلوا له بالأشكال الهندسية كالمثلث والدائرة والشكل البيضاوي، فإنه إذا زال جزء من هذه الأشكال زالت تسمياتها مع بقاء حقيقة ذلك الشكل دون الجزء المزال منه.
ب قسم التسمية ليست شرطاً فيه أو في وجوده، فإذا زال بعضه بقي الباقي حاملاً التسمية نفسها. مثل دلو فيه ماء فإذا نقص منه الماء الذي في الدلو بعضه فإن تسمية الماء على الباقي لا زالت باقية.
ومن ذلك أي من المركب الذي التسمية فيه ليست شرطاً الإيمان فزوال بعض الإيمان كبعض الأعمال ـ لا يقتضي زوال جميع الإيمان إلا ما خصصه دليل من كتاب أو سنة كمن ترك الصلاة فإنه يكفر ويزول اسم الإيمان عنه للدليل الشرعي المقتضي لذلك.
كذلك زوال جزء من أصل من أصول الإيمان كإنكار وجود جبريل وإثبات غيره من الملائكة فإنه يكفر ويزول عنه اسم الإيمان لدلالة النصوص، ولأن السبب الذي جعله ينكر جبريل يُلزِمه بالكفر ببقية الملائكة.
فالمدار كله على ما دلت عليه أدلة الوحي من ذهاب الإيمان بكله أو ببعضه بحسب الأدلة كلها لا بعضها، أي بالجمع بين نصوص الوعد ونصوص الوعيد.
6 ـ مناقشة الدليل السادس:
وهو أن عطف الأعمال على الإيمان يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، ورد ذلك ببيان أنواع المتعاطفين المشتركان في الحكم، وهي:
أ أن يكون المعطوفان متباينين. وذلك كقوله تعالى في أول سورة الأنعام: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] .
فالسموات والأرض اشتركتا في الخلق لكن كل منهما متابين عن الآخر وكذلك الظلمات والنور فهما متضادين.
ومن هذا القبيل حملت المرجئة العطف بين الأعمال والإيمان في النصوص القرآنية والنبوية.
ب أن يكونا متلازمين، وهذا كقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: 92] .