فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 94

(( من جاء إلى هذه الراية فهو آمن، ومن انصرف إلى المدائن أو الكوفة فهو آمن، إنه لا حاجة لنا إلا فيمن قتل إخواننا ) ). فانصرف منهم طوائف ليست بقليلة، وأمرهم علي باعتزال القتال ذلك اليوم.

فظهر الأمر في تلك المعركة لعلي بن أبي طالب وقتلَّهم كلهم إلا تسعة نفر حربوا أمر عليٌّ جماعته

بالبحث عن ذي الثدية أو صاحب المخدج [1] ، فلما وجدوه سجد علي بن أبي طالب¢ لله شكراً حيث تيقن أنهم هم الذين أمر الرسول، بقتلهم بأحاديث كثيرة، منها حديث سويد بن غفلة قال: قال علي¢: إذا حدثتكم عن رسول الله، فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة. سمعت رسول الله، يقول: (( سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا التقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) ).

ومن طريق آخر عن سلمة بن كهيل قال حدثني زيد بن وهب الجهني وذكر الحديث. ثم قال علي: (( لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم، لاتّكلوا عن العلم، وآية ذلك أنه فيهم رجلاً له عضد وليس له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض. فتذهبون على معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم يعني الخوارج فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله.

قال سلمة بن كهيل، فنزَّلني زيد بن وهب الجهني منزلاً حتى قال: مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يؤمئذ عبد الله بن وهب الراسي فقال لهم علي ألقوا الرماح وسلوا السيوف من جنوفها فإني أخاف أن يناشددكم كما ناشددكم يوم حروراء، فرجعوا فوحّشوا رماحهم وسلوا

(1) ذي الثدية هو رجل إحدى يديه كثدي المرأة أو كلحمة الشاة عليها شعرات بيض، وصاحب المخدج هو المخدج ناقص الخلقة، ومخدج اليد ناقصها، تقدمت ترجمته وهو حرقوص بن زهير السعدي. انظر القاموس المحيط 237، ومختار الصحاح ص 170 مادة خدج.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام