سيوفهم وشجرهم الناس برماحهم قال: وقتل بعضهم على بعض. وما أصيب من الناس يومئذ ـ أي قوم علي إلا رجلان. فقال علي بن أبي طالب ¢ التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه ولم يجدوه فقام علي حتى أتى ناساً قد قتل بعضهم على بعض قال: أخّروهم فوجدوه مما يلي الأرض. فكبَّر، ثم قال صدق الله وبلغ رسوله.
فقام إليه عبيدة السُّلماني فقال يا أمير المؤمنين: ألله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله، فقال: أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استخلفه ثلاثاً وهو يحلف له [1] . رواه مسلم
وبعد مقتل الخوارج في النهروان فلت منهم تسعة نفر: صار رجلان إلى سجستان [2] ، ورجلان إلى اليمن، ورجلان على عمان [3] ، ورجلان إلى ناحية الجزيرة [4] ، ورجل إلى تل موزن [5] .
وقصة معركة النهروان وخروج الخوارج إليها مسطورة في كتب التاريخ وغيرها [6] .
ولم ينتهِ الخوارج بعد هذه المعركة التي ذهبت بجميع الخوارج عدا نفر يسير. بل تتابع أمرهم في عهد الدولة الأموية والعباسية، ولهذا لما قيل لعلي بن أبي طالب¢: الحمد لله الذي أراح العباد
(1) رواه مسلم بعدة طرق تبلغ حد التواتر 2/ 746 - 749 كتاب الزكاة، باب التحريص على قتل الخوارج رقم 1066.
(2) سجستان: ناحية كبيرة ولاية واسعة أرضها كلها رملة سبخة والرياح فيها لا تسكن أبداً. قال الاسطخري: أرض سجستان رمالها حارة بها نخل ولا يقع بها الثلج أهـ. مع أنها وسط أسيا بها كثير من الخوارج وأهلها من الفرس وفيهم المذهب الحنفي. خرج منها علماء كثيرون. قلت أثنى عليها ياقوت وعلى أهلها."معجم البلدان"3/ 190 - 192.
(3) عُمان: بضم أوله وتخفيف ثانيه، إقليم على ساحل بحر اليمن والهند يشمل على بلدان كثيرة ذات نخل وزروع، حرها يضرب به المثل، أكثر أهلها في أيامنا من الخوارج إباضية ليس بها غير هذا المذهب إلا طارئ، قال عليه السلام: (( من تعذر عليه الرزق فعليه بعُمان ) )وقال: (( إني لأعلم أرضاً من أرض العرب يقال لها عمان على ساحل البحر والحجة فيها أفضل من حجتين من غيرها ) ). قاله ياقوت"معجم البلدان"4/ 15. والحديثان فيهما مقال كثير!
(4) لم أجدها في المعجم بل ذكر مواضع عديدة بهذا الاسم بلغت 16 موضعا لكن لعلها جزيرة أقور بين دجلة والفرات يقربها من موضع خروج الخوارج. المعجم 2/ 139 ط صادر 1404. فالمراد بها الجزيرة الفرايته. والله أعلم.
(5) تل موزن: بفتح الميم وسكون الواو وفتح الزاي بلد قديم بين رأس عين وسوج يُزعم أن جالينونس كان بها. منبه بحجارة عظيمة سود، فتحها عياض بن تميم¢ سنة 17 ه. المعجم 1/ 45 ط صادر 1404 ه قلت: الظاهر أنها في العراق بين دجلة والفرات لأن فتوحات عياض بن تميم في هذه المنطقة.
(6) انظر تاريخ الإسلام لابن جرير 6/ 124 وما بعدها، والبداية 7/ 295 - 300، والملل والنحل 1/ 124، ولوامع الأنوار البهية 1/ 86. دراسة عن الفرق 55 - 61، مقدمة آراء الخوارج الكلامية. والفرق بين الفرق 51 - 54 وغيرها.