[الصف: 9] .
فإذا ربي الإنسان على الإيمان بأن هذا القرآن كلام الله وانه لا اهتداء إلا به في هذه الحياة، وأن ما شرعه الله فيه يجب أن يطاع أمراً كان أو نهياً، وأنه لا يجوز أن يطاع أحد في معصيته وأنه يجب أن يُتَعلم حلاله وحرامه، ويُطَبق في واقع الحياة أن الإنسان إذا ربي على ذلك فسيكون إنساناً صالحاً يحب الخير ويدعوا إليه ويأمر به، ويبغض الشر ويحذر منه وينهى عنه، ومن ذلك المسكرات والمخدرات التي حذر الله تعالى منها.
وإذا لم يرب المسلم على ذلك فأي قانون قادر على قيادته بسهولة ويسر غير هذا القرآن؟
لقد كان لهذا القرآن أثره في نفوس الذين أخذوه علماً وإيماناً وعملاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت لهم بذلك السعادة والعزة والأمن والاستقرار والإيثار والمودة والإخاء، وهذه المعاني هي التي ينشدها العالم اليوم، لفقدها أو ضعفها التي يكاد يكون كالفقد، ولا يمكن أن تعود هذه المعاني إلى الأرض إلا إذا سلك المسلمون مسلك سلفهم الصالح في تعلم كتاب الله والإيمان به وتطبيقه في حياتهم.
قال ابن كثير رحمه الله: (قال الأعمش: عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن، وقال عبد الله السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤننا أنهم كانوا يستقرؤن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً) [تفسير القرآن العظيم (1/ 3) وانظر الفتاوى لابن تيمية رحمه الله (13/ 331) ] .
هكذا كان تأثير القرآن على النفوس التي آمنت به، كانوا يقفون عند آياته تلاوة وتفهماً لمعانيها وتطبيقها لأوامرها ونواهيها.
وسنة رسول الله صلى اله عليه وسلم وسيرته كالقرآن في التكليف ووجوب الإيمان بها، فهي وحي مثله في ذلك، والواجب الإيمان بما صح منها والعمل بها كالقرآن، لأن الله قد أمر بطاعة رسوله كما أمر بطاعته، قال تعالى: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} [النور: 54] .
فإذا غرس الإيمان بالكتاب والسنة في نفوس الناس تغيرت نفوسها من الجنوح والفسوق إلى الإقبال إلى الله والطاعة.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة إيمانهم بهذا القرآن قال لهم الله عز وجل: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91، تفسير القرآن العظيم (2/ 92) ] قالوا: انتهينا يا رب، وكان ذلك في أم الخبائث كلها وهي الخمر.