الدعوة المباشرة إلى الاعتداء على تلك الأهداف العليا التي لا حياة للمسلمين بدونها، ليس معنى هذا إن الإسلام لا يذكر في تلك الأجهزة، بل يذكر الإسلام وتلقى فيها مواعظ وخطب وندوات ولكن المواد الإعلامية المشوقة التي يقبل عليها الأطفال والأسر كالمسلسلات والتمثيليات، غالبها يحمل المنكر والفساد الذي ينغرس في نفوس المستمعين والمشاهدين والقراء بدون شعور منهم، ومن ذلك المسلسلات الغرامية الداعرة المفضوحة والرقص الفاجر والغناء الداعي إلى الفواحش، والصور العارية وجرائم الخطف والسرقات والاعتداء على النفوس وتناول المحرمات كالخمر والتدخين، والاستهزاء بالقيم والأخلاق الفاضلة وأحكام الإسلام.
والواجب على ولاة أمور المسلمين أن يحرصوا على وقاية شعوبهم من هذه المنكرات الضارة التي حطمت الأفراد والأسر والمجتمعات وشغلتهم عن التفكير في مصالحهم ومعالي الأمور.
وقد استند المسؤولون عن أجهزة الإعلام في الشعوب الإسلامية في بث المنكرات التي قد يسمونها بغير أسمائها على زعم أن الشعوب ترغب في ذلك وأنهم يريدون إرضاء كل الأذواق، وكثيراً ما نسمع المذيع وهو يقول بعد أن ينتهي برنامجه ولو كان فاسداً:"لعلكم استمتعتم مهنا بهذا البرنامج ونال إعجابكم".
والحقيقة أنه لا يجوز لأولياء أمور المسلمين أن يستجيبوا لأهواء الناس في شعوبهم - قلوا أو كثروا - فيبيحوا لهم ما حرم الله، والمصلحة والمفسدة في الشريعة الإسلامية إنما يحددها الله وليس الحكام ولا الشعوب، إلا ما لم يرد فيه نص ولا قاعدة شرعية عامة فإنه يجتهم فيه أهل الاختصاص من علماء الشريعة وغيرهم كل في اختصاصه، وأما ما مضرته واضحة أو منفعته واضحة فيجب اجتناب المضرة وفعل المنفعة [مجموع الفتاوى لابن تيمية (28/ 364) ] .
فالواجب على ولاة أمور المسلمين تصفية مناهج الإعلام ومواده من كل ما يؤثر على الأهداف العليا التي سبق بيانها بل الواجب أن يكون كل ما ينشر في أجهزة الإعلام محققاً لتلك الأهداف أو معيناً على تحقيقها حتى تنتشر الأخلاق الفاضلة وينغرس في نفوس الشباب حب الصلاح وبغض الفساد ومن ذلك تعاطي المسكرات والمخدرات.