(( مارق منه ) ): قال الطيبي: المارق لدينه هو التارك له، من المروق وهو الخروج.
وإذا رجعنا إلى أحاديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي ذكرت فيها ألفاظ الغلو والمروق من الدين، وجدنا أنها أكثر ما تنطبق، تنطبق على الخوارج الذين أنكروا شفاعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قرر ذلك العلماء في شرحهم لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ )) رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وأشباهه من الأحاديث .. فسبحان الله رب العالمين!! .. وانظر كيف أن الله تعالى عامل أهل البدع والأهواء من جنس اعتقادهم الفاسد، حيث قالوا بحرمان أهل الإسلام من الشفاعة، فكانوا هم أول المحرومين .. نعوذ بالله من الخذلان.
وإن كان الحديث ينطبق على غيرهم من أصحاب البدع الذين غلو في دين الله تعالى ومرقوا منه،
فعلى النقيض من الخوارج المرجئة وأهل التجهم الذين أخرجوا الأعمال من الإيمان، وقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب، فمهما أتى المرء عندهم من شركيات وكفريات فإنها لا تؤثر على إيمانه، ولهم في ذلك بدع وأقوال وافتراءات على دين الله لا تنتهي، يرقعون بها للطواغيت وأهل الفجور والشرك، الذين بدلوا نعمة الله كفرًا، فأحلوا ما حرم الله، وحرموا ما أحل الله، وبدلوا شريعته، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وحاربوا دينه جهارًا نهارًا، وصار أعداء الله يجدون لأنفسهم المبررات الشرعية ـ فيما يزعمون ـ من أهل الإرجاء، حتى وجدنا من سب الدين وسب الله تعالى وسب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال أهل الإرجاء في هذه الأيام لعله لم يعتقد!!!، لعله يعذر بسوء أدبه!!، لعله يعذر بجهله!! .. فأين ذهبت عقول القوم!! ..
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"صنفان من أمتي لا يردان عليّ الحوض: القدرية، والمرجئة" [1]
ومن أهل الغلو: الصوفية التي غلت في الأنبياء والأولياء فنسبت إليهم معرفة الغيب والتصرف في الكون وتدبير شؤونه، ورفعوا أولياءهم إلى مراتب الألوهية تارة، وتارة أخرى يقولون أنهم بمنزلة لم يصلها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
(1) رواه الطبراني في الأوسط، وأورده الألباني في سلسلته الصحيحة ج 6 برقم (2748) وقال: (إسناده قوي)