أمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام بعد انتهائه من بناء البيت أن يؤذن في الناس بالحج، ويدعهم إليه، ويبلغ كل من القاصي والداني، فرضه وفضيلته فقال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) } [1] فإن فعل ذلك أتوه الناس لأداء فريضة الحج والعمرة، مشاه على أرجلهم وركبانا على رواحلهم من كل مكان بعيد شوقا لبيت الله عز وجل، ففعل إبراهيم عليه السلام ذلك ودعا الناس إلى الحج [2] ، فحصل ما وعد الله تعالى به من إتيان الناس مشاة على أرجلهم وركبانا على رواحلهم من كل مكان من مشارق الأرض ومغاربها، مشتاقين لرؤية بيت الله الحرام، لأداء مناسك الحج والعمرة من الوقوف بعرفة والطواف والسعي والذبح والرمي والذكر، فيحصل لهم"المنافع الدينية كمغفرة ذنوبهم واستجابة دعائهم والفوز برضا ربهم، وتعلم دينهم من علمائهم، ودينويّة كربح تجارة ببيع وشراء وعرض سلع وأنواع صناعات" [3] .
الدروس العقدية المستفادة من القصة:
1 -سرعة الاستجابة لأمر الله تعالى والطاعة له دون اعتراض، والإيمان أن فيه الخير، كما فعل إبراهيم عليه السلام حيث قام بالأذان استجابة لأمره تعالى.
(1) سورة الحج، الآية: 27 ,
(2) ذكر العلامة ابن كثير يرحمه الله في تفسيره (5/ 2378) ، وزاد المسير (3/ 232) ، وفتح البيان (9/ 38 - 39) ، وتفسير النسفي (3/ 150) ، وأضواء البيان (5/ 43) ، والمحرر الوجيز (4/ 117) ،"أنه لما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج قال: يا رب، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا يصلهم: فقال: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه وقيل: على الحجر، وقيل: على الصفا، وقيل: على أبي قبيس، ونادى: فأجابه به كل شيء سمعه، ومَنْ كتب الله لهم أزلاً أن يحجوا إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك ["
(3) أبو بكر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير ط 3 (السعودية، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم 1418 هـ ـ 1997 م) ج 3 ص 6