الصفحة 63 من 141

أقول: أراد بالأعمال ما يتعلّقُ بالآخرة يُثابُ به أو يُعاقَبُ عليه، وإلا فالأعمال ليست مُنحصِرةً في ثلاثة.

والفريضةُ مشتقَّةٌ من الفَرْضِ، وهو القَطعُ والتقديرُ، قال الله تعالى: ?سُوْرَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا? [النور: 1] أي: قدّرنا وقطعنا الأحكام فيها، وكلّ ما ثبتَ بدليلٍ قطعيٍّ لا شُبهةَ فيه يُسمَّى فَرْضاً وفريضةً، لأنه مقطوعٌ علينا، فيكفرُ جاحِدُه ويفسقُ تارِكُه.

والفضيلةُ من الفَضْلِ، وهو الزيادة، والمرادُ به السُّنَن والنوافل، والسُّنَّةُ نوعان: سنَّةُ الهُدى وتاركُها يستوجِبُ إساءةً، كالجماعة والأذان. وزوائدُ وتاركُها لا يستوجِبُ إساءةً، كسِيَرِ النبيِّ عليه السلام في لباسه وقيامه وقعوده.

والنَّفْلُ: ما يُثابُ على فِعلِه ولا يُعاقبُ على تَرْكِه.

فإن قيل: هذا التقسيمُ يُنبِئُ أنَّ المشروعاتِ عند الإمام أيضاً ثلاثةٌ، كما هي عند الشافعيِّ، لأنه ما ذكرَ الواجِبَ. أجيب: بأنه يُمكِنُ أن يكونَ الواجبُ داخلاً تحت الفريضة، لأنه فرضٌ عندَه عَمَلاً (1) .

والمعصيةُ: فِعلٌ قبيحٌ مَنهيٌّ عنه يُعاقَبُ بإتيانه.

(1) قال العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله تعالى في «كشف الستر عن فرضية الوتر» ص5: والفرض على نوعين: فرضٌ عَمَليٌّ، وفرضٌ اعتقاديٌّ. والفرضُ العمليُّ لا يكفر جاحدُه، والفرضُ الاعتقاديُّ يكفر جاحدُه. ومعنى كونه فرضاً عَمَلياً أنه من جهة العمل فقط محكومٌ عليه بأنه فرضٌ لا من جهة الاعتقاد.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام